المستحاضة (إلا من خوف العنَتَ) منه أو منها ولا كفارة فيه (٣٤)(ويستحب غسلها)
(٣٤) مسألة: يباح وطء المستحاضة سواء خافت هي أو زوجها العنت والضرر أو لا؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ فدل على إباحة وطء الزوج لزوجته، وهذا عام، فيشمل من خاف العنت أو لا، والحامل والحائل والمستحاضة، والحائض والنفساء، فأخرجت الحائض - ومثلها النفساء - بالتخصيص ومُنِع من وطئها بقوله تعالى: ﴿فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ فيعمل بالآية الأولى، فيما بقي بعد التخصيص وهو: الحامل والحائل والمستحاضة - من جواز وطئهن، الثانية: السنة التقريرية؛ حيث إن بعض الصحابيات كانت تُستحاض - كحمنة، وفاطمة، وأم حبيبة - فلم يرد عنه ﷺ - على كثرة أسألتهن له: أنه بين عدم وطء الزوج لزوجته المستحاضة، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فدَّل على إقراره بوطء الزوج لزوجته، فإن قلتَ: لِمَ أبيح ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه لو منع الزوج من أن يطأ المستحاضة: للحقه ضرر؛ نظرًا لطول مدة ذلك ولعدم انضباطه، فإن قلتَ: لا يجوز وطء المستحاضة إلا إذا خافت أو خاف زوجها العنت والضرر - وهو ما ذكره المصنف هنا، وإذا وطأ بدون عذر: فلا كفارة -؛ لقاعدتين: الأولى: القياس؛ بيانه: كما أن الحائض لا يجوز وطئها فكذلك المستحاضة مثلها، والجامع: خروج الدم في كل، الثانية: قول الصحابي؛ حيث قالت عائشة:"المستحاضة لا يغشاها زوجها" قلتُ: أما القياس ففاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأن دم الحيض قذر، وله رائحة كريهه، وغليظ، ويمنع المرأة من الصلاة والصوم، ومدته قصيرة، بخلاف دم الاستحاضة فليست فيه تلك الأمور الخمسة، ولا قياس مع هذا الفارق، أما قول الصحابي - وهو قول عائشة -: فليس بحجة؛ لأنه معارض بقول صحابي آخر وهو قول ابن عباس:"المستحاضة يأتيها زوجها إذا صلت"، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: =