للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الصور تثبت فيها الشبهة، والحدود تدرأ بأية شبهة، ويلزم جلد الشاهدين حد القذف؛ لكون حقيقة القذف قد وجدت فيه، فإن قلتَ: لِمَ اشترط في الشهود الأربعة تلك الشروط السبعة - وهي: كونهم أربعة، رجال، عدول، مسلمين، أحرار، في مجلس واحد يصفون الزنا وصفًا دقيقًا من حيث الطريقة، والمكان والزمان؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الزنا من أعظم المحرّمات والمنكرات، وهو يُشوه ويُقبِّح ويسيء إلى سمعة الزاني، والزانية، وقبيلتهما؛ لذلك اشتُرط فيه أربعة شهداء يتّصفون بتلك الصفات، بخلاف سائر الشهادات، فدفعًا لتلك المضرّة، اشتُرطت تلك الشروط: فلا تقبل في إثبات الزنا شهادة النساء مطلقًا؛ وذلك لتطرّق الضلال إليهن، ولا تُقبل شهادة الفساق، ولا مجهول الحال الذي لا نعلم عدالته؛ لكون الفاسق لا يخاف الله، ومجهول الحال قد يكون فاسقًا، ولا تقبل شهادة الكفار؛ لأنهم متهمون في الدين أبدًا، ولا تقبل شهادة العبيد؛ لكونه مختلف في شهادته في سائر الحقوق، ولا تقبل شهادة من جاء من الشهود بعد أن قام الحاكم؛ لاحتمال أن يتواطؤوا على الكذب، ويُعلِّم بعضهم بعضًا، والمجلس الواحد بمنزلة الحالة الواحدة ولذلك ثبت فيه خيار المجلس. ولا تُقبل شهادتهم إذا اختلفوا في وصف، أو مكان، أو زمان الزنا؛ لكون ذلك دليلًا على كذبهم، وما ذكر في هذه الصور كلها شبه تدرأ الحدّ عن المشهود عليه، ومعلوم أن الحدود تدرأ بالشبهات، فإن قلتَ: لِمَ اشترط عدم وجود زوج مع الشهداء على الزنا؟ قلتُ: لأن الزوج لا تُقبل شهادته على امرأته؛ لأنَّه بشهادته مقرّ بعدوانه لها، والعدو لا تقبل شهادته على من يُعاديه، وحكمه: أن يلا عن زوجته - كما سبق بيانه -، فإن قلتَ: لِمَ يُلحق ويُكمل حده إذا هرب في حالة ثبوت الزنا بالشهود، بينما إذا أقرّ: فإنه لا يلحق إذا هرب؟ قلتُ: لكونه إذا أقرّ، ثم هرب: فإنه يُفهم منه رجوعه عن إقراره، وهذه شبهة يدرأ بها الحدّ،=

<<  <  ج: ص:  >  >>