للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حكم القذف عامًا للذكور والإناث فلم خصَّ الشارع الإناث في الآية السابقة؟ قلتُ: لأن قذفهن أغلب وأشنع، ولأن الواقعة التي نزلت بسببها الآية وردت بهن، فإن قلتَ: لَمَ لا يُحدُّ من قذف شخصًا غير بالغ إلّا بعد بلوغ المقذوف، ومطالبته؟ قلتُ: للتلازم؛ حيث إن عدم اعتبار مطالبته قبل بلوغه، وعدم صلاحية الولي أن يُطالب عنه؛ لفقدان التشفّي يلزم منه: أن القاذف لا يُحد هنا إلّا بعد ما ذكر.

[فرع]: لا يجوز أن يستوفي المقذوف حد القذف بنفسه، ويجلد القاذف ثمانين جلدة والذي له الحق في إقامته هو: الإمام، أو نائبه؛ للتلازم؛ حيث إن كون إقامة الحد يحتاج إلى اجتهاد، ولا يؤمن من استيفائه الحيف والسراية، ووجود اختلاف، وتنازع في ذلك: يلزم منه: قصر إقامة الحدود جميعًا على الإمام أو نائبه - وقد سبق بيانه - ولو فعل المقذوف ذلك: فلا يُعتد به؛ لعدم وقوعه موقعه. تنبيه: قوله: "الملتزم" يقصد أن الكافر الملتزم بأحكام الإسلام محصن، قلتُ: هذا مخالف للشرط الثالث، فلا يعتبر ما ذكره، وخالفه على هذا جمهور الحنابلة، وعلى رأسهم ابن قدامة في "المغني" فائدة: "المحصنات" وردت في الكتاب على أربعة معان: أولها: بمعنى العفائف المسلمات، الحرائر العاقلات، ويشمل الذكور، والإناث - وهو المراد هنا كما سبق في الآية، ثانيها: بمعنى المزوجات كقوله تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ وقوله: ﴿مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ﴾، ثالثها: بمعنى الحرائر كقوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ وقوله: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ وقوله: ﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ رابعها: بمعنى الإسلام كقوله تعالى ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ﴾ وإحصانها: إسلامها هنا كما قال ابن مسعود.

<<  <  ج: ص:  >  >>