= تلك الثلاثة بعد الفراغ من الأربعين؛ لقاعدتين: الأولى: السنة التقريرية؛ حيث قالت أم سلمة:"كانت النفساء تجلس على عهد رسول ﷺ أربعين يومًا وأربعين ليلة" ولم يُنكر ﷺ ذلك مع أنه يغلب على الظن علمه بذلك، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، ولفظ:"النفساء" يلزم منه: أن الدم الذي يخرج قبل الولادة لا يُحسب من الأربعين - وهو: مدة النفاس -؛ لكون ذلك مشتقًا من كونها تنفَّست بعد خروج ولدها، والدم الذي خرج قبل الولادة قبل هذا التنفَّس فلا يُحسب من النفاس، ودل بمفهوم العدد على أن ما بعد الأربعين لا يُحسب نفاسًا؛ الثانية: قول الصحابي؛ حيث ثبت عن ابن عمر وابن عباس وأنس وأم سلمة أن أكثر مدة النفاس أربعون يومًا، فإن قلتَ: لِمَ كان أكثر مدة النفاس أربعين؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه لو زاد عن ذلك: لشق ذلك على الأزواج في امتناعهم عنهن ويشق عليهن في عدم فعلها للعبادات، فهو مناسب لهم ولهن، فإن قلتَ: لِمَ سُميت بالنفساء؟ قلتُ: لأنه بخروج ولدها نفَّس الله كربها، وفرَّج عنها، وهو مستعار من نفس الهواء الذي يردُّه التنفُّس إلى الجوف فيبرِّد من حرارته ويُعدِّلها - كما جاء في "اللسان"(٦/ ٢٣٦) - وقيل: غير ذلك؛ فإن قلتَ: أكثر مدة النفاس ستون يومًا، وهو رواية عن مالك، والشافعي واختيار ابن عثيمين؛ للوقوع؛ حيث وقع النساء من ترى دم النفاس في هذه المدَّة كما قال عطاء والأوزاعي، قلتُ: إن هذا اجتهاد مستنده وقوع ذلك من نوادر النساء: فلا يقوى على معارضة السنة التقريرية وقول الصحابي، وما مستنده غالب النساء وهو: استمرار النفاس أربعين يومًا، ثم إن ما زاد على الأربعين يُحتمل أنه دم نفاس، ويحتمل أنه دم حيض، ويُحتمل أنه دم استحاضة كما لو زاد عن الستين، والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال، تنبيه: قوله: "وما رأته قبل الولادة بيومين أو ثلاثة بأمارة فنفاس"، قلتُ: هذا لا يُحسب مع الأربعين، بل إن الأربعين يومًا يبدأ حسابها من تاريخ الوضع كما سبق بيانه.