العشرة حسبما يراه (٤)، لكن من شرب مسكرًا في نهار رمضان: حُدَّ للشرب، وعُزِّر
يجلده عشرة أسواط فقط، ولا يزيد عليهن وإن رأى الإمام تنقيصها: فله ذلك، وهذا في جميع الذنوب والمعاصي التي لا حدّ فيها ولا كفارة؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ وهي من وجهين: أولهما: قوله ﵇: "لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلّا في حد من حدود الله" حيث دلَّ بمفهوم العدد على تقييد التعزير بالضرب بعشرة فما دونها وتحريم الزيادة عليها؛ لأن النهي هنا مطلق، فيقتضي التحريم، ثانيهما: قوله ﵇: "من بلغ حدًا في غير حد فهو من المعتدين" والمراد: إذا عاقب الإمام شخصًا عقوبة بلغ بها حدًا، في غير ما يوجب حدًا: فإنه من المعتدين الظالمين، والله لا يحب المعتدين، الثانية: التلازم؛ حيث إن العقوبة على قدر الإجرام، والمعاصي والجرائم المنصوص على حدودها أعظم في العقوبة من غيرها: فيلزم: عدم جواز التعزير على معصية خفيفة بعقوبة عظيمة تفوق عقوبة المنصوص على حدودها، أو تساويها أو تقاربها، فإن قلتَ: تجوز الزيادة في التعزير على عشرة أسواط إذا رأى الإمام أو نائبه ذلك، ولكن لا يبلغ به المقدَّر مشرعًا وهو قول كثير من العلماء؛ لفعل الصحابي؛ حيث إن أبا بكر، وعمر ﵄ قد زادا على العشرة قلتُ: يُحتمل: أن يكونا قد عزَّرا شخصًا على عدَّة معاصي كأن يُجلد الشخص عشرة أسواط على تقبيله امرأة أجنبية، ويجلد عشرة أخرى على انتهاكه حرمتها من جهة أخرى، فتجتمع هذه الأعداد فيظن ظان أنه عُزِّر بما زاد عن الحد، وهذا يجاب به عن قول مالك:"إنه يُزاد بالتعزير على الحد مستدلًا بما فعله علي ﵁" وإذا تطرق الاحتمال إلى الدليل بطل به الاستدلال وعلى فرض عدم وجود هذا الاحتمال: فإن ما فعله هؤلاء الصحابة مخالف للسنة القولية، فلا يحتج به؛ لمعارضته نصًا، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض أفعال الصحابة مع السنة".
(٤) مسألة: التعزير راجع إلى ما يراه الإمام مناسبًا لردع وزجر هذا العاصي، أو ذاك، =