للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخيه (و) يُقطع (كل قريب بسرقة مال قريبه)؛ لأن القرابة هنا لا تمنع قبول الشهادة من أحدهما للآخر، فلم تمنع القطع (١٧) (ولا يقطع أحد من الزوجين بسرقته من مال

أولهما: قوله : "أنت ومالك لأبيك"، وقال: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه" وفي لفظ: "فكلوا من كسب أولادكم" وهذا يلزم منه: عدم قطع اليد إذا أكل من مال ولده، ثانيهما: قوله : "اِدرؤوا الحدود بالشبهات ما استطعتم" حيث إن كون الشارع قد أذن للوالد - مطلقًا - بالأخذ من مال ولده، وكون كل واحد من الوالد والولد تجب نفقته من مال الآخر، وتمنع قبول شهادة أحدهما لصاحبه يلزم من ذلك وجود شبهة تدرأ حد السرقة عنهما، فإن قلتَ: إن هذا لا يُشترط، فتقطع يد أي سارق: سواء كان السارق ولدًا، أو والدًا للمسروق أو لا، وهو قول بعض العلماء أبو ثور، للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ وهذا عام لجميع السارقين؛ لأن "السارق" مفرد محلى بأل، وهو من صيغ العموم قلتُ: إن السنة القولية قد خصَّصت عموم الآية، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض الكتاب مع السنة".

(١٧) مسألة: إذا سرق أيُّ قريب من مال قريبه - سوى عمودي النسب السابق الذكر في مسألة (١٦) -: فإن يد السارق تقطع - بعد توفر شروط السرقة -: سواء كان السارق أخًا للمسروق أو لا؛ للاستصحاب؛ حيث إن الأصل: أن تقع يد كل سارق؛ لأنَّه ثبت بعد استقراء وتتبع النصوص الواردة في قطع السارق من الكتاب والسنة: أنها عامة وشاملة لجميع السارقين، ويخصَّص منهم عمودا النسب - وهم الوالد وإن علا، أو الولد وإن نزل إذا سرق كل واحد منهما من مال الآخر؛ لأن السنة القولية التي ذكرت في المسألة (١٦) قد خصَّصت ذلك كما سبق ذكره فيبقى ما عداهما على الأصل ـ وهو قطع يده إذا سرق.

<<  <  ج: ص:  >  >>