للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخر، ولو كان محرزًا عنه) روى ذلك سعيد عن عمر بإسناد جيد (١٨) (وإذا سرق

(١٨) مسألة: تُقطع يد الزوج إذا سرق مال زوجته المحرز، وتُقطع يد الزوجة إذا سرقت من مال زوجها المحرز؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ وهو عام الجميع السارقين وخُصِّص منه محمود النسب - وهم الوالد والولد - لتخصيص السنة القولية؛ لذلك ـ كما سبق في مسألة (١٦) - الثانية: القياس؛ بيانه: كما أن الأجنبي إذا سرق مال أجنبي: فإن يده تقطع فكذلك الحال هنا والجامع: أن كلًّا منهما سرق مالًا محرزًا عنه لا شبهة له فيه، فإن قلتَ: لَمِ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حفظ حق كل واحد منهما، فإن قلتَ: لا تقطع يد الزوج ولا الزوجة هنا، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للقياس؛ بيانه: كما أن العبد لو سرق من مال سيده أو سيدته: فلا قطع عليه؛ حيث إن عبد الله بن عمرو الحضرمي جاء إلى عمر فقال: إن غلامي سرق مرآة امرأتي فقال عمر: "أرسله لا قطع عليه خادمكم أخذ متاعكم"، فكذلك الزوج أي: إذا كان العبد لا يُقطع بسرقة مالها فمن باب أولى إذا سرق الزوج أنه لا يُقطع قلتُ: إن عمر لم يحكم على أن الزوج لا تقطع يده إذا سرق من مال زوجته المحرز، بل حكم على العبد بذلك، ولا يصح قياس الزوج على العبد؛ لأنَّه قياس مع الفارق؛ حيث إن العبد تجب نفقته على سيده، فلعلَّه ظنَّ أن كل ما في المنزل تبع لسيده، فيكون ماله قد سرق ماله، فتحصل الشبهة في ذلك، فتدرأ عنه الحد، ثم إن المرآة لا تُحرز عادة، فلم تقطع يد العبد؛ لعدم وجود شرطي الحد في العبد، بخلاف الزوج، وعلى فرض صحة قياسكم: فهو باطل من جهة أخرى وهي: معارضته للنص، ولقياس أقوى منه ـ وهما ما ذكرناهما في استدلالنا، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياس الذي ذكروه مع الكتاب" و "تعارض القياسين".

<<  <  ج: ص:  >  >>