الخامس: ثبوت السرقة، وقد ذكره بقوله:(ولا يُقطع إلّا بشهادة عدلين) يصفانها بعد الدعوى من مالك، أو من يقوم مقامه (أو بإقرار) السارق (مرَّتين) بالسرقة، ويصفها في كل مرَّة؛ لاحتمال ظنه القطع في حال لا قطع فيها (ولا ينزع) أي: يرجع (عن إقراره حتى يقطع)(٢١)
الحدود بالشبهات ما استطعتم" فكل شخص يسرق من مال له فيه أدنى حق: فلا تقطع يده؛ لأن هذا الحق وإن قلَّ فهي شبهة تدرأ الحد عنه، وهذا موجود في الصور السابقة؛ إذ لكل مسلم حق من بيت المال: سواء كان حرًا أو عبدًا، ولكل مسلم حقه من خمس خمس الغنيمة الذي سيوضع في بيت المال، ولكل فقير حق من غلَّة موقوفة على الفقراء، وإذا تشارك اثنان أو مجموعة في شركة، فإنهم جميعًا يملكون ذلك المال، أو يملكه والده، أو والدته، أو ولده، أو ولد ولده، أو مكاتبه، فأخذ هذا السارق من ذلك المال فيه شبهة واحتمال أن يكون قد أخذه من حقه وإن قلَّ، فلذلك درأ ومنع عنه الحد. تنبيه: قوله: "وزوجه" يقصد أن الزوج لو سرق من مال زوجته، أو العكس فلا قطع على السارق منهما؛ للشبهة قلتُ: قد بينت أن هذا مرجوح في مسألة (١٨).
[فرع]: يسقط حدّ السرقة في المجاعة إذا عمَّت البلاد والعباد؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ وهي المذكورة في مسألة (٢٠)؛ حيث إن المجاعة شبهة قوية تدرأ القطع عن المحتاجين الثانية: القياس؛ بيانه: كما أنه يسقط القطع في الغزو فكذلك المجاعة يسقط، والجامع: الحاجة في كل، فإن قلتَ: لِمَ سقط القطع في الغزو؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه لو أُقيم الحد وهو في الغزو لكان فيه ما هو أكثر ضررًا من القطع، وهو: أن يلحق المقطوع بالمشركين؛ لكونه في وقت حرب.
(٢١) مسألة في الخامس - من شروط السرقة التي تقطع اليد بسببها ـ وهو: أن يثبت أنه سرق ثبوتًا شرعيًا، ولا يكون ذلك إلّا بأحد طريقين: الطريق الأول: أن يشهد =