رجلان حران مسلمان عدلان على أن فلانًا قد سرق وهذا لا يُقبل إلّا بشرطين: أولهما: أن تكون شهادتهما تلك بعد مطالبة المسروق منه أو وكيله بالعين المسروقة عند الحاكم أو نائبه، ثانيهما: أن يصف الشاهدان العين المسروقة، وقيمتها، ووقت السرقة، ومكان ذلك، ويصفان الحرز الذي سرق منه تلك العين وصفًا دقيقًا ـ كما قلنا في الشهود على الزنا - الطريق الثاني: أن يُقرُّ السارق على نفسه مرَّة واحدة بأنه سرق وهذا يقبل بشرطين: أولهما: أن يصف السرقة فيذكر شروطها: من الحرز، والنصاب، وكيفية إخراج العين المسروقة، ووقت ذلك ومكانه ونحو ذلك ثانيهما: أن لا يرجع السارق عن إقراره هذا إلى أن يتم القطع، فإن شهد الشاهدان قبل مطالبة المسروق أو وكيله بما سُرق منه، أو لم يصف الشاهدان، أو أحدهما، أو السارق: لسرقة وشروطها صفة دقيقة، أو رجع السارق عن إقراره قبل القطع: فلا يجوز قطع يده؛ للقياس؛ بيانه: كما أن ذلك يُشترط في سائر الحقوق التي يُراد إثباتها، فكذلك السرقة يُشترط فيها ذلك، والجامع: ثبوته شرعًا وإذا لم تتوفر شروط الثبوت: لم يجب الحكم، فإن قلتَ: إنه يُشترط في الإقرار أن يُقرّ بالسرقة مرتين، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للسنة القولية والفعلية: حيث إنه ﵇ لما أتي له بسارق قال له: "ما إخالك سرقت؟ " قال: بلى، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثًا فأمر به فقطع قلت: هذا لا يُفيد اشتراط تكرار الإقرار، وإنما نتج ذلك عن جوابه عن تلقين النبي ﵇ له بالإنكار، فيريد السارق أن يطهر نفسه بالإقرار، وتأكيده، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "الاختلاف في المراد من السنة القولية والفعلية التي احتجوا بها".
(٢٢) مسألة: يجوز أن يُلقن السارق الإنكار؛ ليرجع عن إقراره؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية السابقة الذكر وهي: قول النبي ﵇: "ما إخالك سرقت؟ "