من المحاربين (من المال قدر ما يقطع بأخذه السارق) من مال لا شبهة له فيه (ولم يقتلوا: قطع من كل واحد يده اليُمنى، ورجله اليسرى في مقام واحد) وجوبًا (وحسمتا) بالزيت المغلي (ثم خُلِّي) سبيله (٥)(فإن لم يصيبوا نفسًا، ولا مالًا يبلغ نصاب السرقة: نفوا بأن يُشردوا) متفرقين (فلا يتركون يأوون إلى بلد) حتى تظهر توبتهم؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ
= فيها مثل حكمه، فإن قلت: لا يتحتَّم استيفاء ذلك، وهوقول كثير من الحنابلة، وهو رواية عن أحمد؛ للتلازم؛ حيث يلزم من ذكر الشرع - في حدود المحاربين - للقتل والصلب، والقطع والنفي: عدم تعلُّق غيرها في المحاربة، فلا يتحتَّم قلتُ: لم يرد ما ذكرناه بالنص - ولكنه ثبت بالقياس والتلازم وهما دليلان معتبران، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض التلازم الذي ذكروه مع القياس، والتلازم اللذين ذكرناهما".
(٥) مسألة: إذا اجتمع مجموعة من قطاع الطريق، واعترضوا شخصًا، وأخذوا جميعًا منه مالًا قدر ما يُقطع به السارق - وهو: ربع دينار، أو ثلاثة دراهم - ولم يقتلوه: فإن كل واحد من قطاع الطريق تُقطع يده اليُمنى، ورجله اليسرى في زمان ومكان واحد، ثم تُحسما: بأن توضعا في زيت مغلي - كما يُفعل به عند القطع في السرقة - ثم يُخلَّى سبيله؛ لقواعد: الأولى: الكتاب؛ وهي آية الحرابة - وقد سبق ذكرها في مسألة (١) - الثانية: قول الصحابي؛ حيث إن ابن عبَّاس قال:"إذا لم يقتلوا، وأخذوا المال: قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف" الثالثة: المصلحة؛ حيث إن قطع يده اليمنى، ورجله اليسرى أكثر تأثيرًا في المجتمع من القتل؛ لأن القتل قد يُنسى، أما إذا رأى أفراد المجتمع شخصًا مقطوع اليد والرجل تذكروا بذلك جرمه، وابتعدوا عمّا فعل؛ لئلا يصيبهم مثل ما أصابه، الرابعة: التلازم؛ حيث يلزم من استيفاء ما لزمه بقطع اليد والرجل: تخلية سبيله بدون حبس، أو نفي.