من المحاربين (قبل أن يُقدر عليه: سقط عنه ما كان) واجبًا (لله) تعالى (من نفى وقطع) يد ورجل (وصلب وتحتُم قتل)؛ لقوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (وأخذ بما للآدميين من نفس، وطرف، ومال، إلا أن يعفى له عنها) من مستحقها، ومن وجب عليه حد، سرقة، أو زنا، أو شرب، فتاب منه قبل ثبوته عند حاكم: سقط، ولو قبل إصلاح عمل (٨) (ومن صال
= مَنْ باشر القتل، أو لا، وكذلك: إذا قتل بعضهم، وأخذ المال البعض الآخر: تقتل كل المجموعة وتصلب؛ لقاعدتين: الأولى: القياس؛ بيانه: كما أن طليعة الجيش، ومؤخرته تستحق من الغنيمة مثل ما يستحق سائر الجيش فكذلك الحال هنا والجامع: استواء المباشر وغيره في الغرم، والغنم، الثانية: التلازم؛ حيث إن المحاربة مبنية على حصول المنفعة والمعاضدة والمناصرة فلا يتمكّن المباشر من فعله إلّا بقوة الردء والمعين فيلزم: أن يُعمِّموا بعقاب واحد، فإن قلت: لَمِ شُرع هذا؟ قلت: لأن كل واحدٍ من المجموعة مقوِّي للآخر في إخافة الناس، فإن قلت: ليس على الردء والمعين إلّا التعزير، وهو قول الشافعي؛ للقياس؛ بيانه: كما أنه في الحدود يجب إقامة الحد على فاعل ومرتكب المعصية فقط، ويُعزَّر المعين فكذلك الحال هنا قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأن المحاربة مبنية على اجتماع المحاربين على المعاضدة فيلزم إنزال العقوبة عليهم جميعًا، بخلاف سائر الحدود فكل شخص يحدّ على حسب معصيته، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياسين" وأيضًا: "تعارض القياس الذي ذكره مع التلازم".
(٨) مسألة: إذا تاب شخص من المحاربين قبل أن يُقدر ويُقبض عليه، أو تاب سارق، أو زان، أو شارب للخمر قبل ثبوت ذلك عند حاكم: فإن العقوبات التي لله تعالى تسقط وهي عقوبة المحاربين، أو قطع يد السارق، أو قتل أو جلد الزاني، أو جلد الشارب، وما هو حق للآدميين من الاقتصاص من النفس، أو الأطراف، أو الجراح، أو رد الأموال المسروقة: فإن جميع ذلك يُردّ إلى أصحابها