= يُدرك المقصود من الصلاة والمراد من التَّعبُّد بها وتصح النية منه، بخلاف الصبي والمجنون فلا يدركان ذلك، ولا تصح منهما نية، فإن قلت: لِمَ وجبت الصلاة؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الصلاة تُعتبر أكمل العبادات؛ لاشتمالها على جميع أنواع التكبيرات والتحميدات، والتسابيح، والتذلل والخضوع والخشوع، ودعاء العبادة ودعاء المسألة، والقراءة، واشتمالها على جلب الأرزاق، وتقوية القلوب، وتفريج الهموم والغموم، وتنشيط الجوارح، وشرح الصدور، وإبعاد الشياطين، وهذا ثابت لمن طاب مأكله، وتأثيرها على احتقار الدنيا وزينتها ومراكزها، فإن قلت: لِمَ كانت الصلوات خمس فقط دون زيادة أو نقصان؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن تلك الأوقات الخمسة تحدث فيها آيات عظيمة تستوجب شكر الله عليها، فطلوع وظهور الإسفار ناسبه وجوب صلاة الفجر، وزوال الشمس زوالًا بطيئًا ناسبه وجوب صلاة الظهر، وزوال الشمس زوالًا سريعًا ناسبه وجوب صلاة العصر، وغروب الشمس وبداية الليل ناسبه وجوب صلاة المغرب، وحلول الليل والظلام ناسبه وجوب صلاة العشاء، وهذه الأوقات قد صلى فيها الأنبياء السابقين: فالفجر صلاة آدم، والظهر صلاة إبراهيم، والعصر صلاة يونس، والمغرب صلاة عيسى، والعشاء صلاة موسى ﵈ وذلك لنعم أنعم الله بها عليهم، فأرادوا شكر الله عليها، فأراد الله تعالى أن يجمع لنبيه وأمته هذه الصلوات فأوجبها عليهم؛ تكثيرًا لأجورهم، ثم إن ذلك يُناسب مصلحة المسلم، حيث جعل فاصلًا طويلًا بين الفجر والظهر لكسب رزقه بعد ما جعل فاصلًا طويلًا بين العشاء والفجر ليأخذ ما يحتاجه من النوم الكافي، فإن قلتَ: لِمَ كانت أكثر الصلوات في آخر النهار: كالظهر والعصر والمغرب والعشاء؛ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن هذا الوقت ليس بوقت عمل، ولا بوقت نوم فأراد الشارع إشغاله بالذكر، فإن قلتَ: لِمَ =