للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ويجتهد القاضي في إقامته) أي: إقامة العدل بين الأخصام (٦)، ويجب على من يصلح، ولم يوجد غيره ممّن يوثق به أن يدخل فيه إن لم يشغله عمّا هو أهمّ منه (٧)،

وإعطاء كل ذي حق حقه من غير ميل لأحد الخصمين؛ للمصلحة: حيث إن ذلك إعانة للقاضي في إقامة الحق، وتقوية لقلبه، وبيان من الإمام الأعظم على الاعتناء بأمر الشرع، والاهتمام بأهله.

(٦) مسألة: يجب على القاضي أن يبذل قصارى اجتهاده في إقامة العدل بين الخصوم، وعدم الميل إلى أحدهما، وهذا يحصل بالتفكير بأدلة الخصمين تفكيرًا دقيقًا، وعدم الاستعجال بإظهار الحكم؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال : "لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان" فحرَّم الشارع أن يقضي القاضي بين الخصمين وهو في حالة لا يمكنه التركيز بأدلة الخصمين بسبب الغضب، أو كل ما يشغله عن ذلك كشدة جوعه، أو عطشه، أو ألمه، أو شدة برد، أو حر، أو كونه حاقنًا أو نحو ذلك؛ لأن النهي هنا مطلق، فيقتضي التحريم، وترك الحرام واجب، ولأن العلَّة في الحديث: "انشغال الفكر المانع من التفكير السليم" وهي متعدية، وهذا فيه إيماء إلى وجوب بذل قصارى جهده في أدلة الخصمين الموصل إلى العدل، الثانية: المصلحة؛ حيث إن عدم اجتهاد القاضي لإقامة العدل فيه الحكم بغير حكم الله تعالى، وعدم الإنصاف، مما يؤدِّي إلى الفتنة، ونصر الظلم، وخذل الحق، فدفعًا لذلك: شرع ما قلناه.

(٧) مسألة: إذا كان زيد يصلح للقضاء: علمًا، وورعًا: فيجب عليه أن يتولَّاه بشرطين: أولهما: أن لا يوجد غيره ممّن هو أعلم منه وأورع ممّن يوثق به، ثانيهما: أن لا يُشغله تولِّي القضاء عمّا هو أهمّ منه كأن يشغله عن أمر دينه، فإن وجد من هو أعلم منه، وأورع، أو كان القضاء يشغله عمّا هو أهم منه في الدِّين: فلا يجوز لزيد أن يتولّاه، ولا يجوز طلبه؛ للمصلحة: حيث إن عدم وجود غيره يقوم بالقضاء: يجعله يتعيَّن عليه؛ حفظًا لحقوق الناس من أن يستولي عليها الظلمة، وإذا وجد غيره أفضل =

<<  <  ج: ص:  >  >>