الحكم (١٤)(و) يجب (أن يعدل بين الخصمين في لحظه، ولفظه، ومجلسه ودخولهما عليه)(١٥) إلا مسلمًا مع كافر، فيقدم دخولًا، ويرفع جلوسًا (١٦)، وإن سلَّم أحدهما:
الآخر في سبق المتأخر للمتقدم فيُحتاج إلى الحاجب أو البوَّاب لترتيب الناس، وإدخالهم الأول فالأول على حسب سبقهم بالحضور، أما إن لم يحتج لذلك فلا ينبغي أن يتّخذ القاضي بوابًا أو حاجبًا؛ لأنه قد يقدم المتأخر ويدخله على القاضي، ويؤخّر المتقدم.
(١٤) مسألة: يجوز للقاضي أن يتّخذ حاجبًا أو بوابًا إذا لم يكن في مجلس القضاء كما شاء؛ للتلازم؛ حيث من كونه لم يكن في مجلس الحكومة: أن يفعل ما شاء؛ لأنه من حقه.
(١٥) مسألة: يجب على القاضي أن يعدل بين الخصمين المسلمين في كلامه، وإشاراته، وألفاظه، ويساويهما في المجلس فلا يقدم أحدهما على الآخر، وكذلك في الدخول عليه: ولا يقدم لأحدهما دون الآخر، ولا يظهر السرور لأحدهما دون الآخر وهكذا؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قضى رسول الله ﷺ أن الخصمين يقعدان بين يدي الحاكم" وهذا تنبيه على وجوب التسوية بين الخصمين في كل شيء، الثانية: المصلحة؛ حيث إن تقديم وتفضيل أحد الخصمين يؤدِّي إلى انكسار قلب الخصم الآخر، وضعفه عن القيام بحجّته - كما قال ابن القيم - وتردده في أن يتكلَّم بصراحة في قضيته، وهذا ظلم ظاهر، فرفعًا لذلك: وجبت العدالة بينهما.
(١٦) مسألة: إذا تخاصم مسلم مع كافر: فإن القاضي يقدم المسلم على الكافر في الدخول، والجلوس، ويجعله أرفع من الكافر أثناء الجلوس؛ للتلازم؛ حيث يلزم من حرمة الإسلام وأنه يعلو ولا يُعلى عليه: أن يقدَّم المسلم على الكافر في ذلك كما في البناء - كما سبق بيانه -.