للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ردَّ ولم ينتظر سلام الآخر (١٧)، ويحرم أن يسار أحدهما، أو يُلقِّنه حجّته، أو يضيفه، أو يُعلِّمه كيف يدَّعي (١٨) إلا أن يترك ما يلزمه ذكره في الدعوى (١٩) (وينبغي) أي: يسن (أن يحضر مجلسه فقهاء المذاهب، وأن يشاورهم فيما يشكل عليه) إذا أمكن، فإن اتّضح له الحكم: حكم، وإلّا أخَّره؛ لقوله تعالى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ (٢٠)

(١٧) مسألة: إذا دخل أحد الخصمين على القاضي وسلَّم عليه: فيجب على القاضي أن يرد السلام عليه دون أن ينتظر سلام الخصم الآخر؛ لقاعدتين: الأولى: التلازم؛ حيث يلزم من كون رد السلام واجبًا على الفور: أن يردّ القاضي السلام على من سلَّم فورًا الثانية: المصلحة؛ حيث إن عدم رد السلام على من تقدَّم بالسلام، وأُخِّر حتى سلَّم الآخر فيه كسر قلب ذلك المتقدِّم بإلقاء التحية، وهذا مخالف للعدالة الواجبة على القاضي.

(١٨) مسألة: يحرم على القاضي أن يظهر السرور لأحد الخصمين، أو يُلقِّنه حجّته، أو يُعلِّمه كيفية الدعوى على خصمه، أو يضيفه بأن يقدم له بعض الأكل أو الشراب، ولا يفعل ذلك مع الخصم الآخر؛ لقاعدتين: الأولى: فعل الصحابي؛ حيث إنه نزل رجل على علي: فقال له: إنك خصم، قال: نعم، قال: تحوَّل عنا ومراده: لا تجلس بجانبي، بل اجلس مع خصمك، وهذا تنبيه على عدم جواز التفريق بين الخصوم في كل شيء، الثانية: المصلحة؛ حيث إن إظهار السرور لأحد الخصمين، أو تلقينه الحجة دون خصمه فيه كسر لقلب خصمه، وهذا ظلم له، فدفعًا لذلك: شرع هذا.

(١٩) مسألة: يجوز للقاضي أن يُعلم أحد الخصمين كيف يدَّعي، وكيفية تحرير دعواه؟ بشرط: عدم استطاعته وقدرته على تحريرها؛ للتلازم؛ حيث يلزم من وجوب صحة الدعوى المرفوعة إلى القاضي: أن يُعلِّم القاضي الخصمين معًا، أو أحدهما كيفية تحريرها، وتقديمها لا سيما وأنه لا ضرر على خصمه في ذلك.

(٢٠) مسألة: يُستحب أن يحضر فقهاء المذاهب مجلس القاضي إن أمكن ذلك، =

<<  <  ج: ص:  >  >>