للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ويحرم القضاء وهو غضبان كثيرًا)؛ لخبر أبي بكرة مرفوعًا: "لا يقضين حاكم بين اثنين وهو غضبان" متفق عليه (أو) وهو (حاقن أو في شدة جوع أو) في شدة (عطش أو) في شدة (همٍّ، أو ملل، أو كسل، أو نعاس، أو برد مؤلم، أو حر مزعج)؛ لأن ذلك كله يشغل الفكر الذي يتوصل به إلى إصابة الحق في الغالب، فهو في معنى "الغضب" (وإن خالف) وحكم في حال من هذه الأحوال (فأصاب الحق: نفذ) حكمه؛ لموافقته الصواب (٢١) (ويحرم) على الحاكم (قبول رشوة)؛ لحديث ابن عمر

لمخلوق في معصية الخالق.

(٢١) مسألة: يحرم على القاضي أن يحكم في قضية وهو مشوَّش الفكر، قليل التركيز في بيِّنات الخصمين: سواء كان سبب هذا التشويش غضب، أو جوع، أو عطش، أو هم أو غم قد لحقه، أو ملل من العمل، أو تضايق من أحد، أو خوف، أو ألم، أو برد، أو حر، أو رطوبة، أو بول قد حصره، أو غائط، أو كسل وخمول، أو نعاس، أو فرح أو نحو ذلك مما يشغل الفكر ويساعد على عدم التركيز بأدلة الخصمين، وإن خالف ذلك وحكم بالقضية: فإن حكمه ينفذ بشرط: أن يكون قد أصاب الحق في حكمه؛ لقواعد: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال : "لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان" حيث حرم الشارع أن يقضي القاضي ويحكم بين خصمين وهو في حالة غضب، لأن النهي مطلق، فيقتضي التحريم، ولم يفرق الشارع بين الغضب الكثير والشديد وبين الغضب القليل واليسير؛ لأن لفظ "غضبان" مطلق فاستوى فيه ذلك، الثانية: القياس؛ بيانه: كما أنه يحرم القضاء في حالة الغضب فكذلك يحرم القضاء في حالة الجوع وغيره مما ذكرنا مما هو مشغل للفكر، ومشوّش عليه والجامع: إشغال الفكر، والتشويش عليه من أن يفكر بأدلة الخصمين تفكيرًا دقيقًا، حيث إن ذلك مانع من إصابة الحق في الغالب، الثالثة: التلازم؛ حيث يلزم من إصابة الحق إذا قضى وهو مشوش الفكر: أن ينفذ حكمه ويعمل به. تنبيه: اشترط المصنف أن يكون =

<<  <  ج: ص:  >  >>