للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فإن حلف المنكر) وخلّى الحاكم سبيله (ثم أحضر المدَّعي بيِّنة) عليه: (حكم) القاضي (بها، ولم تكن اليمين مزيلة للحق) هذا: إذا لم يكن قال: "لا بيِّنة لي" فإن قال ذلك، ثم أقامها: لم تسمع؛ لأنه مكذب لها (١٥).

عن الحلف: فإن القاضي يقضي عليه بسبب ذلك النكول، ويلزمه بإعطاء الحق للمدَّعي؛ لقواعد؛ الأولى: السنة القولية؛ حيث قال : "البيِّنة على المدَّعي واليمين على من أنكر" وهو عام، فيشمل ما نحن فيه، وهذا منكر فوجبت عليه اليمين فقط إذا لم يحضر المدَّعي بيّنة على دعواه، وأيضًا قوله للحضرمي لمّا لم يحضر بيّنة على خصمه - "فلك يمينه ما لك عليه إلّا يمينه" فإن حلف: أُخلي سبيله، الثانية: التلازم؛ حيث يلزم من امتناع المدَّعى عليه عن اليمين: ثبوت الحق عليه؛ لأنه لا يمتنع عنها عادة إلّا إذا كان الحق عليه ويلزم من كون الحق في اليمين للمدّعي: عدم جواز استيفاء ذلك اليمين إلّا بطلبه - أي: بطلب المدَّعي - الثالثة: قول الصحابي؛ حيث إن عثمان قد حكم على المدَّعى عليه بسبب النكول، فإن قلتَ: لِمَ كانت اليمين في جانب المدَّعى عليه، دون المدَّعي إذا لم يحضر المدَّعي بيِّنة على ما ادَّعاه؟ قلتُ: للاستصحاب؛ حيث إن الأصل براءة ذمة المدَّعى عليه؛ حيث لم يترجَّح جانب المدَّعي بشيء، فكان جانب المدَّعى عليه أولى باليمين؛ نظرًا لقوّته بأصل براءة الذمة كما صرّح بذلك ابن القيم.

(١٥) مسألة: إذا طلب القاضي من المدَّعى عليه أن يحلف على إنكار ما ادَّعاه عليه المدَّعي - بعد أن لم يحضر المدّعي بيِّنة على دعواه - فحلف المدَّعى عليه على براءته ممّا ادعاه عليه المدَّعي، وخلى سبيله، ثم بعد ذلك: أحضر المدَّعي بيِّنة على دعواه: فإن القاضي يسمع البيِّنة ويحكم بتلك البيِّنة، وهذا مطلق، أي: سواء قال المدَّعي أولًا: "لا بينة لي" أو لم يقل تلك العبارة؛ للتلازم؛ حيث إن اليمين لا تُزيل الحق فيلزم من إثبات البيِّنة: الحكم بها على خصمه الذي حلف سابقًا، فإن قلتَ: إن قال المدَّعي أولًا: "لا بيِّنة لي"، ثم حلف المدَّعى عليه، ثم أحضر =

<<  <  ج: ص:  >  >>