للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فصل): (ولا تصح الدعوى إلا محرَّرة)؛ لأن الحكم مرتب عليها، ولذلك قال رسول الله : "وإنما أقضي على نحو ما أسمع" ولا تصح أيضًا إلّا (معلومة المدَّعى به) أي: تكون بشيء معلوم؛ ليتأتَّى الإلزام (١٦) (إلا) الدعوى بـ (ما نصححه مجهولًا كالوصية) بشيء من ماله (و) الدعوى (بعبد من عبيده) جعله (مهرًا ونحوه) كعوض خلع، أو أقرَّ به فيطالبه بما وجب له (١٧)، ويُعتبر أن يصرِّح بالدعوى، فلا يكفي:

المدَّعي البيِّنة: فلا تُسمع، ولا يحكم بها، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للتلازم؛ حيث إنه يلزم من إحضارها مع قوله: "لا بيِّنة لي": عدم سماعها وعدم قبولها؛ لأنه يكون بذلك مكذب لها قلتُ: لا يكون مكذبًا لها إذا أحضرها فيما بعد؛ لأن المدَّعي كان يقصد: أنه لا بيِّنة له الآن، ولم يقصد أنه لا بيِّنة له أبدًا، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض التلازمين".

(١٦) مسألة: إذا ادَّعى شخص على شخص آخر دعوى عند القاضي فلا تصح تلك الدعوى إلا محرَّرة موضَّحة بشيء معلوم: فإن كان المدَّعى عينًا حاضرة عينها بالإشارة، وإن كانت غائبة ذكر صفاتها وما يميزها عن غيرها فمثلًا: إذا كان المدعى دارًا فيجب أن يبين المدَّعي حدودها، وموضعها، فيدّعي المدَّعي قائلًا: إن تلك الدار بحدودها وحقوقها لي، وأنها في يد خصمه ظلمًا، وأنا أطالبه بردِّها؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال : "وإنما أقضي على نحو ما أسمع" بيَّن أنه يقضي على حسب ما يسمع من تفاصيل الدَّعوى الثانية: التلازم؛ حيث يلزم أن الدعوى يترتَّب عليها حكم القاضي، فيلزم من وضوح تفاصيلها: الحكم بها والإلزام بالحكم بسببها، ويلزم من عدم ذلك: عدم بيان الحكم؛ لأن القاضي سيسأل المدَّعى عليه عمّا ادَّعاه عليه المدَّعي، فإن اعترف بها: لزمه، ولا يمكن أن يلزمه مجهولًا.

(١٧) مسألة: تصح الدعوى بالوصية والإقرار وإن كانت غير محرَّرة، أي: كانت مجهولة: كأن يدَّعي شخص على شخص آخر بأنه أوصى له بشيء من ماله كإحدى =

<<  <  ج: ص:  >  >>