منكم﴾، فلا تقبل من كافر (١٧)، ولو على مثله (١٨) إلا في سفر على وصية مسلم أو كافر، فتُقبل من رجلين كتابيين عند عدم غيرهما (١٩)(الخامس: الحفظ) فلا تقبل من
= بغلبة الظن، وإذا أشار الأخرس إشارة تُفهم المقصود: فإنه يغلب على ظننا حصول المشهود فيه، والعمل بما يغلب على الظن واجب، فإن قلت: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض التلازم مع القياس"، فإن قلت: لم اشترط كون الشاهد متكلمًا؟ قلت: للمصلحة؛ وهي الاحتياط في حقوق الآخرين.
(١٧) مسألة: في الرابع - من شروط من تقبل شهادته - وهو: أن يكون مسلمًا، فلا تقبل الشهادة من الكافر على المسلم؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وأشهدوا ذوي عدل منكم﴾ فبين الشارع أن الشهادة تقبل من العدل، ودل مفهوم الصفة على عدم قبول الشهادة من الكافر؛ لكونه ليس بعدل، فإن قلتَ: لِمَ اشتُرط هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حفظ حقوق الآخرين.
(١٨) مسألة: تقبل شهادة الكافر على مثله، أي: تقبل شهادة بعضهم على بعض إذا كانوا داخلين في ملَّة واحدة فتقبل شهادة اليهودي على اليهودي، وتقبل شهادة النصراني على النصراني؛ للقياس؛ بيانه: كما تقبل شهادة بعض المسلمين على بعض، فكذلك الحال هنا والجامع: أنه في كل منهما يلي بعضهم البعض الآخر؛ فإن قلت: لا تقبل شهادة الكافر على كافر مثله، وهو قول المصنف هنا؛ للقياس؛ بيانه: كما أن شهادته لا تقبل على غير أهل دينه، فكذلك لا تقبل على أهل دينه والجامع: عدم الثقة في كل قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأن الكافر قد يخون من هم على غير دينه، بخلاف أهل دينه فيبعد أن يخونهم، ومع الفرق لا قياس، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياسين".
(١٩) مسألة: تصح شهادة الكافر على وصية مسلم مات في سفر عند عدم غيره؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ