للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإقرار: فله على عشرة إلا خمسة: يلزمه خمسة، وله هذه الدار، ولي هذا البيت يصح، ويقبل ولو كان أكثرها (٣٠) (وإن قال: له عليّ مائة، ثم سكت سكوتًا يمكنه الكلام فيه، ثم قال: زيوفًا) أي: معيبة (أو مؤجلة: لزمه مائة جيدة حالة)؛ لأن الإقرار حصل منه بالمائة مطلقًا، فينصرف إلى الجيد الحال، وما أتى به بعد سكوته لا يُلتفت إليه؛ لأنه يرفع به حقًّا لزمه (٣١) (وإن أقرّ بدين مؤجَّل): بأن قال - بكلام

= أو نحو ذلك، وادَّعى بأنه قد دفع ذلك الألف أو أبرأه صاحبه منه: فلا تقبل دعواه تلك إلّا ببيِّنة يثبتها على أنه دفعه، أو أبرأه منها؛ للتلازم؛ حيث يلزم من اعترافه بذلك: وجوب الحق عليه، ويلزم من وجوب ذلك الحق: عدم زواله ورفعه إلّا ببيِّنة تثبت ذلك.

(٣٠) مسألة إذا أقرّ زيد بأن عليه لعمرو مالًا فلا يجوز له أن يستثني منه الأكثر ولا النصف، فلو قال: "له على عشرة إلّا ستة أو إلّا خمسة": فإن المقرّ تلزمه العشرة كاملة أما لو استثنى الأقل فقال: "له عليّ عشرة إلّا أربعة" فإن المقرّ يلزمه أن يدفع ستة؛ للاستقراء؛ وهو من وجهين: أولهما: حيث إنه ثبت بعد تتبّع واستقراء أهل اللغة أن استثناء الأكثر، أو النصف يُعتبر عيًا ولكنة، قال ابن جني: ولو قال قائل: "علي مائة إلّا تسعين": ما كان متكلمًا بالعربية، وقال مثل ذلك القتبي، وابن درستويه، والزجاج، ثانيهما: أنه بعد استقراء وتتبّع كلام العرب وجد أن الاستثناء قد جرى في كلامهم على خلاف الأصل؛ لأنه إنكار بعد إقرار، والأصل: عدم الإنكار، لكن لما كان الإنسان قد يغفل عن بعض ما أقرّ به: أجيز استثناء القليل؛ لدفع الضرر، وأما الأكثر، أو النصف فلا يعقل أن يغفل عنه الإنسان، وقد أطلت الكلام في ذلك في كتابي: "المهذب في علم أصول الفقه (٤/ ١٦٨٤ إلى ١٦٩٢)، وأجبتُ فيه عن أدلة القائلين بجواز ذلك، ومنهم المصنف هنا، وسبب الخلاف هو: ما ذكرته من اختلافهم في الأصل.

(٣١) مسألة: إذا قال زيد مقرًّا: "لعمرو عليّ مائة درهم" فسكت سكوتًا يمكنه الكلام=

<<  <  ج: ص:  >  >>