يقيم: فقال أحمد: لو أعاد الأذان كما صنع أبو محذورة، فإن أقام من غير إعادة: فلا بأس، قاله في "المبدع"(٢٤)(في مكانه) أي: يُسنُّ أن يُقيم في مكان أذانه (إن سهل)؛ لأنه أبلغ في الإعلام، فإن شقَّ كأن أذن في منارة، أو مكان بعيد عن المسجد: أقام في المسجد؛ لئلا يفوته بعض الصلاة، (٢٥) لكن لا يُقيم
= الأذان؟ قلتُ: لأن الإقامة قد شُرعت لإعلام الحاضرين في المسجد بأن تكبيرة الإحرام قد قَرُبت فليسوا بحاجة إلى الترسُّل والتمهُّل، بخلاف الغائبين البعيدين فهم بحاجة إلى التمهل بالأذان ولذا شُرع.
(٢٤) مسألة: يُستحب أن يتولَّى الإقامة مَنْ تولَّى الأذان الأخير: فلو أذن زيد في مسجد لصلاة الظهر مثلًا، ثم أذن بكر: فإنه يقيم أحدهما، ولكن لو أراد زيد الإقامة: فالأفضل إعادة الأذان؛ حتى يكون الأخير؛ للقياس؛ بيانه: كما أنه يُستحب أن يتولى خطبتي الجمعة واحد فكذلك يُستحب أن يتولى الأذان والإقامة واحد، والجامع: أن كلًا منهما ذكر سابق للصلاة، فإن قلتَ: لِمَ استُحب ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك أحوط في عدم اضطراب الناس؛ نظرًا لتغيُّر الصوت عليهم.
(٢٥) مسألة: يُستحب أن يقيم في المكان الذي أذن فيه إن تيسَّر ذلك بدون فوات شيء من الصلاة عليه، أما إن شق ذلك، أو خشي فوات بعض الصلاة: فإنه يُقيم داخل المسجد، للسنة التقريرية؛ حيث قال ابن عمر:"كنا إذا سمعنا الإقامة توضأنا ثم خرجنا إلى الصلاة" ويلزم من ذلك: أنهم سمعوا الإقامة وهم في بيوتهم، وهذا لا يكون إلا إذا كان المقيم في مكان الأذان المرتفع، والنبي ﷺ قد أقر بذلك، فدل على استحبابه إذا لم توجد مشقة في ذلك، فإن قلتَ: لِمَ استُحب ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك أبلغ في إعلام الحاضرين في المسجد ومن حوله، أما إن وُجدت مشقة على المقيم، أو خشي =