للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُحملان على المقيد السابق (٢٢)، وإنما خُصَّت "القلتان" بقلال هجر؛ لوروده

(٢٢) مسألة: تصح الطهارة بالماء الكثير إذا وقعت فيه نجاسة وخالطته ولم تُغيِّر إحدى صفاته -اللون أو الرح أو الطعم- كروث حمار ونحوه -غير بول آدمي وعذرته-؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال : إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث" فأيُّ نجاسة وقعت في ماء كثير -وهو ما بلغ قلتين-: فإنها لا تنجسه سواء كانت كثيرة أو قليلة؛ لأن "إذا" الشرطية من صيغ العموم، ودل مفهوم العدد منه على أن النجاسة إذا وقعت في ماء قليل: فلا يُتطهر منه: سواء كانت تلك النجاسة قليلة أو كثيرة، وسواء غيرت صفة من صفات الماء أو لا، وهذا ثبت بعموم مفهوم العدد الثانية: التلازم؛ حيث إن الماء الكثير إذا وقعت فيه نجاسة فإنه يغلب على ظننا عدم وصول النجاسة إلى كثير من أجزاء الماء؛ نظرًا لكثرته فيلزم من ذلك صحة التطهر به، أما الماء القليل إذا وقعت فيه نجاسة: فإنه يغلب على ظننا وصول النجاسة إلى أكثر أجزاء الماء؛ نظرًا لقلته وكونه محصورًا فيلزم من ذلك: عدم صحة التطهر به؛ لأن العقول السليمة تستقذر ذلك، ومعروف: أن المحظور إذا اختلط بالكثير: صار حكم الإباحة أغلب كمن اختلطت أخته بنساء بلد كبير: فإنه يحل الزواج بأي واحدة منهن، أما إذا اختلط المحظور بالقليل: فإنه يصير حكم الحظر أغلب كمن اختلطت أخته بعشرة نسوة: فإنه لا يحل الزواج بتلك العشر، فإن قلتَ: لِمَ صح التطهر بالكثير دون القليل هنا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن المياه الكثيرة توجد عادة على الطرقات فلا تخلو من نجاسات، فلو مُنع الناس من التطهر بها: لَلَحِقَ كثيرًا من الناس حرج وضيق، فدفعًا لذلك شرع هذا، فإن قلتَ: تصح الطهارة بالماء الكثير والقليل ولو وقعت فيهما نجاسة لم تُغيِّر أحد أوصافه، وهو قول أكثر المالكية وبعض الشافعية وبعض الحنابلة كابن تيمية وابن عثيمين؛ للسنة القولية؛ حيث قال : "إن الماء طهور لا يُنجسه شيء" وقوله: "الماء لا =

<<  <  ج: ص:  >  >>