في بعض الفاظ الحديث؛ ولأنها كانت مشهورة الصفة معلومة المقدار، (٢٣)
= ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه أو طعمه أو لونه ولفظ "الماء" اسم جنس محلى بأل وهو من صيغ العموم، فيشمل الماء القليل والكثير، قلتُ: نسلِّم لكم أن الحديثين عامَّان للكثير والقليل، ولكي خُصِّصا بمنطوق، ومفهوم العدد من حديث:"إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث" وهو: تخصيص السنة بالسنة وهو جائز، ويزيد الحديث الأول بأنه مخصَّص بالواقع؛ حيث إنه ورد بسبب سؤال ﷺ عن بئر بضاعة هل يُتوضأ منها مع أنه يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن؟ -كما ورد في حديث أبي سعيد- والواقع: أن بئر بضاعة كان كثير الماء، فخصَّصنا الحديث به، فإن قلتَ: كيف يستدل بحديث القلتين ويُخصص به أنه ضعيف -كما قال كثير من المحدثين إنه مضطرب السَّند-؟ قلتُ: إن نجوم أهل الحديث قد صحَّحوه، وقالوا به، واعتمدوه في تحديد الماء، وهم القدوة وعليهم المعوَّل في هذا الباب- نقله النووي في "المجموع"(١/ ١١٢) ـ عن الخطابي، وإسناده على شرط مسلم- كما قال ابن حجر في "التلخيص"(١/ ٢٧) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده، وصححه الطحاوي وابن خزيمة في صحيحه (١/ ٤٦)، فإن قلتَ: إن لفظ "الماء" الوارد في حديث القلتين مخصص بالماء الجاري، ولا يعم الراكد؟ قلتُ: إن تحديده بالقلتين يلزم منه بطلان هذا القول؛ لأن الجاري لا يمكن تحديده، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "هل حديث القلتين صحيح أو لا؟ " فعندنا نعم، لذا خصصنا به الحديثين السابقين، وعندهم: لا. فيبقى الحديثان على عمومهما للقليل والكثير عندهم.
(٢٣) مسألة: يحدد الماء الكثير والقليل بقلال هجر؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية: حيث قال ﷺ: "إذا كان الماء قلتين بقلال هجر لم يحمل خبثًا" كما أورده الخطابي في "المعالم"(٩) رواية في حديث القلتين، وهذه الزيادة بالتحديد مقبولة؛ لأنها زيادة ثقة، الثانية: التلازم؛ حيث إن قلال هجر مشهورة، =