قال ابن جُريج:"رأيتُ قِلال هجر فرأيتُ القلة تسع قربتين وشيئًا"، والقربة: مائة رطل بالعراقي، والاحتياط: أن يُجعل الشيء نصفًا، فكانت القُلَّتان: خمسمائة بالعراقي (٢٤)(أو خالطه البول أو العَذْرَة) من آدمي (ويشقَّ نزحُه كمصانع طريق مكة: فطهور) ما لم يتغير، قال في الشرح:"لا نعلم فيه خلافًا"(٢٥) ومفهوم كلامه: أن ما لا يشقُّ نزحه ينجس ببول الآدمي أو عذرته المائعة
= معلومة الصفة والمقدار من قِبل كثير من الناس الساكنين في المدينة وما حولها؛ لأن المقصود بـ "هجر" قرية تقع بقرب المدينة -كما في "معجم البلدان"(٤/ ٩٥٢) -وليست "هجر" البحرين؛ لأن بلد البحرين بعيد فلا يمكن أن يحدد لأهل المدينة ومن حولها بشيء لا يعرفونه، فلزم من ذلك كله: أن تحديد قليل الماء وكثيره يكون بقلال هجر.
(٢٤) مسألة: تحديد القلتين بخمسمائة رطل -أو خمس قرب- هو: تحديد تقريبي، وبناء عليه: لا يضر نقصٌ يسيرٌ لا يتجاوز الرطل أو الرطلين؛ للتلازم؛ حيث إن التردد الوارد في نقل ابن جُريج حيث قال:"رأيتُ قلال هجر، فرأيتُ القلة تسع قربتين، أو قربتين وشيئًا" يلزم منه أن هذا التحديد تقريبي، فإن قلتَ: لِمَ جُعل "الشيء" نصفًا؛ حتى قلتم: إن القلة تسع قربتين ونصفًا؟ قلتُ: إن الشيء خفي التقدير، وهو أقل من النصف ولكن يُجعل نصفًا؛ احتياطًا؛ نظرًا لخفائه، ثم إن القربة الثالثة متبعِّضة: فبعضها من جملة القلة، وبعضها الآخر ليس منها، وليس أحدهما بأولى من الآخر: فوجبت التسوية بين البعضين، فإن قلتَ: لِمَ كان التحديد تقريبيًا؟ قلت: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه توسعة وتيسير على الناس فلو حُدد ذلك بتحديد دقيق لَلَحِق بعض المسلمين الحرج والضيق من هذه الدِّقة الشديدة، فدفعًا لذلك: كان التحديد تقريبيًا.
(٢٥) مسألة: يصح التطهر بالماء الكثير الذي وقع فيه بول آدمي أو عذرته، واختلط به بشرطين: أولهما: أن يشقُّ نزح هذه النجاسة، ثانيهما: أن لا تُغيِّر =