ﷺ: أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة" رواه أبو داود وغيره، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان، قال أحمد -في رواية أبي طالب- كثر أصحاب رسول الله ﷺ يقولون ذلك"، وهو تعبُّدي، وعُلِم مما تقدم: أنه يزيل النجس مطلقًا، وأنه يرفع حَدَث المرأة والصبي، وأنه لا أثر لخلوتها بالتراب، ولا بالماء الكثير، ولا بالقليل إذا كان عندها من يُشاهدها، أو كانت صغيرة، أو لم تستعمله في طهارة كاملة، ولا لما خَلَت به لطهارة خَبَث، فإن لم يجد الرجل غير ما خَلَت به لطهارة الحدث: استعمله، ثم تيمم وجوبًا (٢٧)، النوع الثاني -من المياه-: الطاهر غير المطهر، وقد أشار إليه بقوله:(وإن
(٢٧) مسألة: تصح طهارة الرجل بالماء الذي خلت به امرأة أو خنثى وتطهرت به عن حَدَث إذا لم تتغير صفة من صفاته ولو كان قليلًا؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"الماء ليس عليه جنابة" -لما أراد أن يغتسل من جفنة قد اغتسلت ميمونة بما فيها من ماء- وهذا يلزم منه أن الماء إذا لم يتغيَّر: فإنه يبقى على طهوريته وإن اغتسلت به امرأة، الثانية: السنة الفعلية؛ حيث "كان ﷺ يغتسل بفضل ميمونة" ولفظ "كان" تدل على الدوام؛ لأنها من صيغ العموم في الأزمان، فإن قلتَ: لِمَ صح ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه لا يخلو بيت من وجود امرأة فيه، ولا يخلو أيُّ ماء من أن تخلو امرأة لترفع حدثها به، ومعروف شُحِّ المياه المستعملة في أكثر بلدان الإسلام، فلو مُنع التطهر بالماء الذي خلت به امرأة: لَلَحِق أكثر المسلمين ضيق وحرج ومشقة: فدفعًا لذلك: شرع هذا، فإن قلتَ: إنه يُحتمل أن ميمونة لم تخلُ بالماء، فلذا استعمله النبي ﷺ، وإذا تطرق الاحتمال إلى الدليل بطل به الاستدلال، فلا يصح الاستدلال بحديث ميمونة، -كما نقل في "المغني"(١/ ٢٨٤) - قلتُ: هذا الاحتمال بعيد جدًا- للعرف والعادة؛ حيث إن العادة أن الإنسان إذا أراد غسل بدنه أنه يقصد الخلوة، فإذا كان الاغتسال عن جنابة والمغتسلة امرأة، وهي من أمهات =