فيه) كزعفران، لا تراب ولو قصدًا، ولا ما لا يُمازجه مما تقدَّم: فطاهر؛ لأنه ليس بماء مطلق (٢٩)(أو رفع بقليله حَدَث) مكلَّف، أو صغير: فطاهر؛ لحديث
= الطعم أو الرائحة -كأن يُطبخ فيه لحمًا أو حمُصًا، أو قهوة أو شايًا، فصار مرقًا، أو صبغًا؛ للكتاب، حيث قال تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ فالذي يُستعمل في الطهارة الماء، فإن تعذَّر فالتيمم، ولا ثالث لهما، وهذا الذي طَبخ فيه شيء طاهر فغيَّر اسمه من "ماء" إلى مَرَق، أو خلِّ، أو قهوة أو شاي: لا يُسمى "ماء" فلا يُتطهر به؛ نظرًا لمفهوم التقسيم حيث إن ذلك ليس ماءً ولا ترابًا، فإن قلتَ: لِمَ لا يُطهِّر؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن هذا الماء قد فقد صفات الماء المطهر وهي: الدقة والرقة والجريان السريع -أو أكثر تلك الصفات- حيث إنه بعد طبخ هذه الأمور فيه: صار لزجًا غليظًا، فلا يحصل الغرض الذي من أجله شُرعت الطهارة له، بل قد يؤدي إلى بعض الأمراض؛ حيث إنه قد يكون سببًا في تجمع كثير من الأتربة والأوساخ فيه.
(٢٩) مسألة: تصح الطهارة بماء قد سقط فيه شيء طاهر كتمر أو حبوب أو زعفران، أو تراب ولم تطبخ هذه الأشياء فيه سواء تغيَّرت بعض صفاته أو لا؛ وسواء شق صون الماء منها أو لا؛ وسواء كان من جنس الماء أو لا؛: للكتاب؛ حيث قال تعالى ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ حيث دل هذا على صحة التطهر بكل شيء يُطلق عليه ماء؛ لأن "ماء" نكرة في سياق النفي، وهي من صيغ العموم، وهذا الذي سقط فيه من تلك الأمور الطاهرة ولم تطبخ فيه: يُطلق عليه اسم "الماء"؛ إذ لم يسلبه ذلك رقته ولا دقته ولا سرعة سيلانه فيُتطهر منه، فإن قلتَ: لِمَ صح ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه لو مُنع المسلمون من التطهر بهذا الماء: لَلَحِق أكثر المسلمين ضيق وحرج ومشقة لكثرة ما يقع في الماء من هذه الأشياء، فإن قلتَ: لا تصح الطهارة في هذا الماء -كما قال أكثر =