للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يغلب على الظن نجاسته، ووصول تلك النجاسة إلى جميع أجزاء الماء، بخلاف الماء الكثير فإنه يكون طهورًا وإن تطهر به رجل؛ لكونه يغلب على الظن عدم وصول النجاسة أو الوسخ إلى جميع أجزاء الماء، وللاحتراز عن الأضرار: كُره استعماله -وإن كان كثيرًا- بعد ما استعمله رجل في رفع حدثه، فإن قلتَ: لِمَ قُيِّد ذلك برفع الحدث؟ قلتُ: لإخراج الماء القليل الذي استعمله الرجل في طهارة مستحبة لتجديد وضوء أو غسل الجمعة -كما سبق ذكره- أو الماء القليل الذي غسل به الرجل عضوًا واحدًا ولم يُرفع به حدثًا فهذا يصح التطهر به، فإن قلتَ: لِمَ قُيِّد ذلك باستعمال الرجل دون المرأة؟ قلتُ: لأن الرجل يصح أن يتطهر بماء قليل قد رفعت امرأة حدثها به - وهو حكم مستثنى- للسنة القولية والفعلية الوارد في حديث ميمونة -كما سبق بيانه في مسألة (٢٧) - فإن قلت: لِمَ جعلتم هذا الماء طاهرًا ولم يكن نجسًا؟ قلتُ: لقاعدتين: الأولى: السنة الفعلية؛ حيث إنه قد توضأ بماء، ثم صبَّه على جابر -وهو مغمى عليه- فلو كان الماء المستعمل في طهارة رجل نجسًا: لما جاز ذلك، الثانية: إجماع الصحابة؛ حيث إنهم كانوا يتوضأون ويتقاطر من الماء الذي يتوضأون به بعض القطرات على ثيابهم وأبدانهم ولم يكونوا يغسلون ذلك: فلو كان نجسًا: لغسلوا ما سقط عليه، فإن قلتَ: تصح الطهارة من هذا الماء وإن رُفع به حدث رجل؛، وهو قول قد حُكي عن بعض الحنفية ورواية عن أحمد، للقياس، بيانه: كما أن الماء المستعمل في طهارة مستحبة تصح الطهارة منه فكذلك الحال هنا، والجامع: الاستعمال في كل، قلتُ: هذا قياس مع الفارق؛ لأن الماء المستعمل في رفع حدث قد أزيل به مانع من الصلاة، أما الماء المستعمل لطهارة مستحبة: فلم يرفع به حدث، فتصح الصلاة بدونه، ولا قياس مع الفارق، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياس مع السنة والإجماع" فعندنا: يُقدَّمان على القياس، وعندهم: يقدم القياس عليهما هنا، وكذا: "هل رفع الحدث بالماء مؤثر فيه أو لا؟ " فعندنا نعم، وعندهم: لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>