وتبطل به (٣٧) ويُكره تنكيس السُّور (٣٨) والآيات (٣٩) ولا تُكره
(٣٧) مسألة: يحرم على المسلم أن يُنكِّس كلمات القرآن: كأن يعكس لفظ "أقيموا"، وإذا فعل ذلك: فإن صلاته تبطل؛ للإجماع؛ حيث أجمع العلماء على هذا، ومستنده: التلازم؛ حيث يلزم من القراءة المتنكِّسة الإخلال بنظم القرآن، والذهاب بإعجازه، وهذا يؤدي إلى أن يكون كلامًا أجنبيًا عن القرآن.
(٣٨) مسألة: تصح قراءة السور منكَّسة بدون كراهية، بأن يقرأ سورة:"الناس" قبل "الفلق"؛ للسنة الفعلية؛ حيث إنه ﷺ قد قرأ "النساء" قبل "آل عمران"، فإن قلتَ: لِمَ صح ذلك بدون كراهة؟ قلتُ: لأن ذلك لا يُخلُّ بنظم ولا إعجاز القرآن، ولأنه فعل ما له فعله من أنه قرأ السورة كاملة، ولأن ترتيب السور وقع اجتهادًا من الصحابة، فإن قلتَ: إن هذا مكروه - وهذا ما ذكره المصنف -؛ لقول الصحابي؛ حيث قال ابن مسعود - فيمن يقرأ القرآن مُنكَّسًا -: "ذلك منكوس القلب" قلتُ: لا يُحتج بقول الصحابي هذا؛ لأنه عارض السنة الفعلية، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلت: سببه: "تعارض قول الصحابي مع السنة الفعلية" فعندنا: يعمل بالسنة، وعندهم: يعمل بقول الصحابي.
(٣٩) مسألة: تحرم قراءة الآيات منكَّسة، كأن يقرأ "من شر ما خلق" قبل قوله: "قل أعوذ برب الفلق" وإذا صلى بذلك: فلا تصح صلاته؛ للسنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ" وأمر الشارع ورد بترتيب الآيات؛ حيث إنه ﷺ كان إذا نزلت عليه آية أو آيات قال:"ضعوها بعد آية كذا وكذا في سورة كذا" فيلزم من قراءة الآية قبل الآية التي قبلها العمل على غير المأمور به شرعًا فيكون مردودًا غير مقبول، ويُحرَّم ذلك، فإن قلتَ: لِمَ حُرِّم ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن قراءة الآيات منكوسة يُفوِّت المعنى المقصود من الآيات، ويكون ذلك قريبًا من العبث والتلاعب بكلام الله، فإن قلتَ: إن هذا يُكره - وهو ما ذكره المصنف - قلتُ: لم أجد دليلًا على ذلك.