ويجلس مفترشًا يُسراه) أي: يُسرى رجليه (ناصبًا يُمناه) ويُخرجها من تحته، ويُثني أصابعها نحو القبلة، ويبسط يديه على فخذيه مضمومتي الأصابع (٦٨)، (ويقول) بين
بحوائجه الأخروية بعد ذلك؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث إنه لما نزل قوله تعالى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ قال ﷺ: "اجعلوها في سجودكم" حيث أوجب الشارع ذلك؛ لأن الأمر مطلق، فيقتضي الوجوب، الثانية: السنة الفعلية؛ حيث قال حذيفة: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول إذا سجد: "سبحان ربي الأعلى"، فإن قلتَ: لِمَ وجب قول ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه يُنزِّه الله في ذلك؛ لأن السجود هبوط وانحطاط إلى الأرض، وهذا نقص، فيُبين العبد أنه يُنزه الله عن ذلك، ويصفه بأنه الأعلى دائمًا، فإن قلتَ: لِمَ استُحب كثرة الدعاء في السجود؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن العبد يكون أقرب إلى الله تعالى وهو ساجد؛ لقوله ﷺ:"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" فإن قلتَ: ما سبب ذلك؟ قلتُ: لأن المسلم في سجوده يكون في ذُل، فتكون رحمة الله قريبة منه.
(٦٨) مسألة: بعد فراغه من قوله: "سبحان ربي الأعلى" وهو ساجد: يجب عليه أن يرفع رأسه وهو يُكبِّر قائلًا: "الله أكبر" ويكون التكبير أثناء رفعه، وهذا الرفع ركن، ثم يجلس جلسة مطمئنة وهي ركن أيضًا، وصفتها المستحبة: أن يفرش رجله اليُسرى، ويكون ظهرها متوجهًا إلى القبلة، وينصب رجله اليُمنى بأن يجعلها قائمة، وتكون خارجة من جهة اليمين، ويُثني أصابعها إلى جهة القبلة، ويضع يديه على فخذيه مبسوطتين مضمومتي الأصابع - وتُسمَّى هذه:"الجلسة بين السجدتين" وهي ركن ويفعل ذلك أيضًا في "جلسة التشهد الأول" - كما سيأتي -؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"ثم اجلس حتى تطمئن جالسًا" - أي: بعد السجدة - وهو أمر مطلق، فيقتضي الوجوب، الثانية: السنة الفعلية، وهي من وجهين: أولهما: قول عائشة: "كان =