للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يخصصه ولأن هذا مطلق في الزمان، الثالثة: القياس؛ بيانه: كما أنه لا يجب غسل الكف قبل إدخاله في الإناء عند وضوء غير القائم من النوم، فكذلك لا يجب غسل الكف عند وضوء القائم من النوم والجامع: أن النجاسة لم يغلب على الظن وجودها في الحالين، فإن قلتَ: لِمَ صحت الطهارة بهذا الماء الذي غمس فيه يد قائم من نوم ليل ناقض للوضوء؟ قلتُ: لأن نجاسة اليد مشكوك فيها، والشك لا تُبنى عليه أحكام، فإن قلتَ: لا تصح الطهارة بماء قليل قد غُمست فيه يد قائم من نوم ليل ناقض للوضوء، وهو مسلم مكلف؛ لكونه طاهرًا غير مطهر، وإذا لم يجد غيره: فإنه يستعمله، ثم يتيمم -وهو ما ذكره المصنف هنا- للسنة القولية؛ حيث قال : "إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يُدخلهما في الإناء ثلاثًا فإنه لا يدري أين باتت يده"؛ حيث أوجب غسل اليدين هنا؛ لأن الأمر مطلق، وهو يقتضي الوجوب، ولا فائدة لهذا الأمر إلا لأن إدخالهما بدون غسلهما يسلب طهورية الماء، قلتُ: إن هذا الأمر للاستحباب وليس للوجوب؛ لأنه أمر بغسل اليد للشك في النجاسة ودلَّ على هذا قوله: "فإنه لا يدري أين باتت يده؟ " قال الماوردي في "الحاوي" (١/ ١٠٢): "لأن القوم كانوا يستعملون الأحجار وينامون فيعرقون، وربما وقعت أيديهم على موضع النجاسة فنجست، وهذا متوهَّم، فتكون نجاستها مشكوكًا فيها، وما وقع الشك في تنجيسه: لم يجب غسله، وإنما يُستحب؛ لأن الشك لا يثبت أحكامًا" فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "هل الأمر في الحديث الأخير للوجوب فيخصص الآية والحديث الأول أو لا؟ "، فعندنا: لا، وعندهم: نعم. فإن قلتَ: لِمَ قال هنا: "فإن لم يجد غيره يستعمله ثم يتيمم"؟ قلتُ: لأن الماء الذي غمس فيه يد قائم من نوم ليل صار طاهرًا غير مطهر عند أكثر الحنابلة، فلا ينجس استعماله، ويُتيمم احتياطًا، ولكن أقول: لا فائدة من استعماله إذا لم يكن مُطهرًا، ولا يُجمع بين طهورين - كما سبق بيانه- تنبيه" قوله "وكذا إذا حصل الماء" إلى قوله: "إلى الكوع" هذا تفريع على المذهب المرجوح، وهو مذهب بعض الحنابلة ومنهم المصنف هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>