وكذا: ما غُسل به الذكر والأنثيان؛ لخروج مذي، دونه؛ لأنه في معناه (٣٥)، وأما ما غُسل به المذي: فعلى ما يأتي (٣٦)(أو كان آخر غسلة زالت النجاسة بها) وانفصل غيرُ متغيِّر: (فطاهر)؛ لأن المنفصل بعض المتصل، والمتصل طاهر (٣٧)، النوع الثالث:"النَّجس" وهو: ما أشار إليه بقوله: (والنّجس: ما تغيَّر بنجاسة) قليلًا كان أو كثيرًا، وحكى
(٣٥) مسألة: تصح الطهارة بماء قليل غُسل فيه الذكر والخصيتان بعد أن أخرج مذيًا -وهو: ما خرج لزجًا عند الشهوة-، للقياس، بيانه: كما أن الماء القليل إذا غُمست فيه يد قائم من النوم تصح الطهارة به -كما سبق في مسألة (٣٤) - فكذلك هنا، والجامع: أن النجاسة مشكوك فيها، ولا تُبنى على الشك أحكام، فإن قلتَ: لِمَ صحت الطهارة منه؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه توسعة على الناس، تنبيه: عند المصنف: "لا تصح الطهارة بذلك، فإن لم يجد غيره: استعمله مع التيمم، وهذا مرجوح كما سبق في مسألة (٣٤) ".
(٣٦) مسألة: لا تصح الطهارة بماء قليل غُسل فيه مذي لاصق على البشرة أو الثوب؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كون المذي نجسًا، فإن الماء الذي غُسل فيه يكون نجسًا مثله، كما يُغسل البول، وسيأتي بيانه في باب "إزالة النجاسة".
(٣٧) مسألة: إذا وقعت نجاسة كبول على ثوب أو بدن، فغُسلت عدة مرات، وفي آخر مرة -وهي التي زالت بها النجاسة- استعمل ماء قليل، ثم انفصل هذا الماء المغسول به تلك النجاسة: فإن الماء يكون طاهرًا غير مطهر وإن لم تتغير بعض صفاته؛ للتلازم؛ حيث إن هذا الماء المنفصل هو بعض من الماء المتصل بالبقعة التي وقعت فيها النجاسة، والمتصل طاهر؛ نظرًا للصوقه بمحل النجاسة فيلزم أن يكون المنفصل مثله، ويمكن أن يثبت ذلك بالقياس، وهو: قياس المنفصل على المتصل، فإن قلتَ: لِمَ لا يتطهر بهذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الغسلة الأخيرة للنجاسة متأثرة بتلك النجاسة، ولا يبعد أن يلصق شيء منها في ذلك الماء، فيتأثر مستعمله، فدفعًا لذلك: منع من التطهر به.