ابن المنذر الإجماع عليه (٣٨)(أو لاقاها) أي لاقى النجاسة (وهو يسير) أي: دون القلتين فينجس بمجرد الملاقاة ولو جاريًا؛ لمفهوم حديث:"إذا بلغ الماء قلتين لم يُنجسه شيء"(٣٩)(أو انفصل عن محل نجاسة) متغيرًا، أو (قبل زوالها) فنجس: فما انفصل قبل السابعة: نجس، وكذا: ما انفصل قبل زوال عين النجاسة ولو بعدها، أو
(٣٨) مسألة: الماء النجس هو: الذي تقع فيه نجاسة وغيَّرت إحدى صفاته -اللون أو الطعم أو الرائحة- كأن يقع فيه روث حمار، فإذا توفر هذان الشرطان:"وجود النجاسة فيه" و "تغيُّر إحدى صفاته": فإنه يكون نجسًا لا يستعمل لشيء، سواء كان هذا الماء قليلًا أو كثيرًا؛ للإجماع، حيث أجمع العلماء على ذلك، فإن قلتَ: لِمَ كان نجسًا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه إذا اجتمع هذان الشرطان: فإن النفوس تستقذر ذلك الماء، ولا يُتعبد الله بشيء تستقذره النفوس، ثم إن هذا الماء لا يُحصِّل الغرض الذي من أجله شرعت الطهارة، وهي: التنظيف والتطهير، بل بالعكس، فقد يؤثر على جسم المستعمل له بأنواع الأمراض، فدفعًا لذلك شرع هذا.
(٣٩) مسألة: إذا وقعت نجاسة -كروث حمار- في ماء قليل، أو لاقى ذلك الماء تلك النجاسة -بأن صُبَّ عليها-: فإنه يكون نجسًا، سواء كان هذا الماء راكدًا أو جاريًا، وسواء تغيَّر أو لا؛ للسنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث" وفي رواية: "لم يُنجِّسه شيء" حيث إن مفهوم العدد منه قد دلّ على أنه إذا لم يبلغ قلتين فإنه ينجس -إذ هذا حد القليل منه- وهذا المفهوم عام، أي: يشمل المتغير وغير المتغير، ويشمل الراكد والجاري، ويشمل الملاقي للنجاسة وغيره، فإن قلتَ: لِمَ كان ذلك نجسًا في الماء القليل دون الكثير؟ قلتُ: لأنه يغلب على الظن وصول النجاسة إلى جميع أجزاء الماء، بخلاف الماء الكثير فلا يغلب على الظن ذلك كما سبق.