التسليم" وهو: منها فيقول: (عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن
أسمع؟ فقال: "جوف الليل وأدبار الصلوات المكتوبة" و"دُبُر الشيء": آخره، فيكون آخر الصلاة هو: دُبُرها، وهذا مناسب، حيث إنه يقع بعد قراءات وتكبيرات وتسبيحات وتعظيمات وتمجيدات، وصلوات على النبي، فإن قلتَ: لِمَ قُدِّم الدعاء بتلك الكلمات الأربع؟ قلتُ: للمصلحة؛ فمن أُستعيذ بها وأُبعد عنها: فقد جمع خيري الدنيا والآخرة؛ حيث إنه يستعيذ من عذاب القبر وجهنم، وفتنة المحيا - وهو: حب الأموال، والمناصب والشهرة - وفتنة الممات - وهو: سؤال الملكين وهو في قبره، ويستعيذ من فتنة المسيح الدجال فيما لو خرج، وهو حي، فإن قلتَ: لِمَ خُصِّص المسيح بالذكر هنا؟ قلتُ: لعظم فتنته على وجه الأرض، ويُعتبر خروجه من علامات الساعة، وهو يخرج من جهة المشرق، ويمكث أربعين يومًا يخدع الناس، فيتبعه كثير منهم، ثم يدعي النبوة، ثم يدعي الألوهية، ثم بعد الأربعين ينزل المسيح: عيسى ﵇ فيقتل المسيح الدجال، فإن قلتَ: لِمَ سُمي بالمسيح؟ قلتُ: لأنه يمسح الأرض بسرعة سيره فيها - على أرجح الأقوال -، فإن قلتَ: لِمَ سُمي بالدجال؟ قلتُ: لأنه يُدَّجِّل على الناس ويكذب عليهم، ويخدعهم، فإن قلتَ: لِمَ لا يدعو في صلاته بشيء من أمور الدنيا؟ قلتُ: للتلازم؛ حيث إن الدعاء بشيء من أمور الدنيا كلام من غير جنس الصلاة فيلزم من ذلك: أنه مُحرَّم، وأنه يُبطل الصلاة؛ لأن الكلام الذي من غير جنس الصلاة يُبطلها. [فرع]: يُستحب أن ينظر المصلي أثناء صلاته كلها - سواء كان قائمًا أو راكعًا أو جالسًا - إلى موضع سجوده؛ للمصلحة؛ حيث إن هذا أجمع لنظره وفكره، وعقله من التشتت، فيكون أكمل في الخشوع والخضوع والتذلل.