للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك: ما لم يغلبه، أو يكن المار محتاجًا للمرور أو بمكة (١١٥)، ويحرم المرور بين

(١١٥) مسألة: يجب أن يردَّ المصلي كلَّ مار بين يديه - وهو: ما بين رجليه وموضع سجوده - ويُرجعه من حيث أتى، ويجتهد في ذلك بأن يومئ ويُشير ويلمس برفق، وكل ذلك لا يُكره، ولو وجدت حركة ليست من جنس الصلاة، وهذا مطلق، أي سواء كانت الصلاة فرضًا أو نفلًا، وسواء كان المار آدميًا أو غيره، وسواء كان المصلي قد وضع سترة فمرَّ المارُّ دونها أو لا: فمر المصلي قريبًا من المصلي والصلاة تصح، وذلك بشرطين: أولهما: أن لا يغلب المار المصلي في المرور، فإن غلبه وأصرَّ على المرور فلا يُطيل المصلي في ردِّه ويتركه يمر، ثانيهما: أن لا يكون المار بحاجة إلى المرور، فإن كان بحاجة إليه فلا يمنعه المصلي كأن يكون المكان ضيقًا، أو كان المصلون كثيرين كما هو الحال في المسجد الحرام والمسجد النبوي؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال : "إذا كان أحدكم يُصلي فلا يَدَعنَّ أحدًا يمرُّ بين يديه، فإن أبى فليُقاتله؛ فإن معه قرين" فقد حر أن يترك المصلي أحدًا يمر بين يديه؛ لأن النهي مطلق فيقتضي التحريم، وترك الحرام واجب؛ فيجب عليه أن يرده قدر المستطاع إن كان المار غير مضطر، ووجوب الرد يستلزم أن الحركة بسبب ذلك لا تُكره، الثانية: المصلحة؛ حيث إن إصرار المار على المرور وإطالة المصلي في ردِّه: يُبطل الصلاة؛ لكثرة الحركة، وردُّ المار مع ضيق المكان وكثرة المصلين فيه إضرار بالمار، فدفعًا لذلك: اشترط هذان الشرطان، فإن قلتَ: لِمَ وجب رده؟ قلتُ: لأن المار وصف بأنه شيطان، وهذا مشغل للمصلي عن الخشوع، فإن قلتَ: لِمَ سُمِّي المار بأنه القرين أو الشيطان؟ قلتُ: لأن هذا المار قد فعل شيئًا لا يفعله إلا الشيطان وهو كونه خرق حرمة الصلاة، تنبيه: قوله: "يُسن للمصلي رد المار" هذا مرجوح؛ حيث لم أجد دليلًا على هذا الاستحباب، بل هو واجب كما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>