للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصلي وسترته ولو بعيدة، وإن لم يكن سترة: ففي ثلاثة أذرع فأقل (١١٦)، فإن أبى المار الرجوع: دفعه المصلي، فإن أصرَّ: فله قتاله ولو مشى، فإن خاف فسادها: لم يُكرر دفعه (١١٧)، ويضمنه (١١٨)، وللمصلي دفع العدو من سيل وسبع، أو سقوط

(١١٦) مسألة: يحرم أن يمرَّ الشخص بين يدي المصلي - وهو: ما بين قدميه وموضع سجوده - سواء وضع المصلي سترة أو لا؛ للسنة القولية؛ حيث قال : "لو يعلم المارُّ بين يدي المصلي ماذا عليه من الإثم: لكان أن يقف أربعين خيرًا له من أن يمر بين يديه" فتوعد المار بالعقاب والإثم، ولا يُعاقب على فعله إلا الحرام، فإن قلتَ: لِمَ حُرِّم ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن هذا سيكون سببًا في إشغال المصلي مما يؤدِّي إلى إنقاص أجره، وهذا يضره فدفعًا لذلك: شرع هذا، تنبيه: تحديد المصنف بمسافة ثلاثة أذرع لم أجد عليه دليلًا عليه.

(١١٧) مسألة: إذا ردَّ المصلي المار، فلم يرجع: فإن للمصلي أن يدفعه بيده، فإن أصر المار ولم يرجع أيضًا: فله قتاله ولمسه، لكن إن خاف أن تفسد صلاته بذلك: فإنه يتركه يمر، ولا يُكرر دفعه؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال : "فإن أبى فليقاتله" وقد سبق، الثانية: التلازم؛ حيث يلزم من كثرة الحركة: بطلان الصلاة، فلذا لا يُكرر الدفع، فإن قلتَ: لِمَ يفعل ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه محافظة على حقه المؤدِّي إلى كمال صلاته، تنبيه: قوله: "ولو مشى" قلتُ: هذا غير صحيح؛ للتلازم؛ حيث يلزم من إباحة المشي بسبب الرد: أن يمشي الناس وهم يصلون ويتقاتلون بأيديهم في المساجد، وهذا لا يمكن أن يرد به الإسلام، الذي علَّمنا على السكينة والوقار، وذلك لأن المشي لا حدَّ له.

(١١٨) مسألة: إذا كرَّر المصلي دفع المار وقاتله لأجل أن يُبعده فمات المارُّ أو تضرر: فإن المصلي يضمنه، ويدفع ديته أو أرش الجناية؛ للتلازم؛ حيث إن تكرار المدافعة غير مشروع فيلزم ضمان ما حدث بسببه؛ لكونه قد تعدَّى.

<<  <  ج: ص:  >  >>