للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولا) يبطل (نفل بيسير شرب عمدًا)؛ لما روي أن ابن الزبير شرب في التطوع، ولأن مدَّ النفل وإطالته مستحبَّة، فيُحتاج معه إلى جرعة ماء لدفع العطش فسومح فيه كالجلوس، وظاهره: أنه يبطل بيسير الأكل عمدًا، وأن الفرض يبطل بيسير الأكل والشرب عمدًا، وبلع ذوب سُكَّر ونحوه بفم كأكل (١٨)، ولا تبطل ببلع ما بين

الكثير من غير جنس الصلاة يُبطلها عمده وسهوه فكذلك الأكل والشرب الكثير يبطلها، والجامع: أن كلًا منهما عمل من غير جنس الصلاة، وقاطع لأركانها، ومخالف لاشتراط الموالاة فيها.

(١٨) مسألة: إذا شرب أو أكل أو بلع ما ذاب من سكر في فمه عمدًا أثناء صلاته: فإنها تبطل، سواء كانت فرضًا أو نفلًا، وسواء كان هذا كثيرًا أو يسيرًا؛ للسنة القولية؛ حيث قال : "عُفي لأمتي عن الخطأ والنسيان" حيث دلَّ مفهوم الصفة على أن غير الخطأ والنسيان - وهو العمد - غير معفو عنه، وهذا المفهوم عام فيشمل: الفرض والنفل، والكثير والقليل؛ حيث إنه قد أتى بالفعل على خلاف ما أمر الشارع به من أنه يحرم عليه كل ما كان حلالًا قبل التحريمة، فيكون مردودًا؛ لعموم قوله : "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ" وهذا هو المقصد منه، فإن قلتَ: إن شرب المتنفل عمدًا ماء يسيرًا: فلا يبطل تنفُّله ولا يسجد للسهو، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ لقاعدتين: الأولى: القياس، بيانه؛ كما تجوز الإطالة في الجلوس في النفل لإطالة النفل، فكذلك: يجوز شرب القليل من الماء لذلك والجامع: أن كلًا منهما وقع في نفل يتسامح عادة الشارع فيه؛ للإعانة على تطويله، الثانية: فعل الصحابي؛ حيث إن عبد الله بن الزبير قد شرب حين كان يصلي النفل قلتُ: أما القياس: فهو فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ حيث إن الإطالة في الجلوس من جنس الصلاة، بخلاف الشرب فليس من جنسها، أما فعل الصحابي: فلا حجة فيه؛ لمخالفته للسنة القولية التي =

<<  <  ج: ص:  >  >>