لم يضرُّه؛ لكونه غير داخل في وسعه، وكذا: إن كان من خشية الله تعالى (أو تنحنح من غير حاجة فبان حرفان: بطلت) فإن كان لحاجة: لم تبطل: لما روى أحمد وابن ماجه عن علي قال: "كان لي مدخلان من رسول الله ﷺ بالليل والنهار فإذا دخلتُ عليه وهو يصلي يتنحنح لي" وللنسائي معناه (٢٩)، وإن غلبه سُعال أو عُطاس، أو تثاؤب ونحوه: لم يضرُّ، ولو بان حرفان (٣٠) فصل: في الكلام على
(٢٩) مسألة: إذا نفخ المصلي، أو بكى أو تنحنح لغير حاجة فبان حرفان: بطلت صلاته، أما إن نفخ لحاجة كان يطرد به حشرة، أو بكى لخشية الله، أو تذكَّر عزيزًا لديه، أو تنحنح ليُعلم غيره قد استأذن عليه أنه يصلي أو نحو ذلك: فصلاته صحيحة، ولا يُشرع لذلك سجود سهو؛ لقواعد: الأولى: السنة الفعلية؛ حيث إنه ﷺ كان يُعلم عليًا أنه يصلي بالتنحنح، وأنه كان يبكي أحيانًا عند قراءته للقرآن وهو يصلي، الثانية: القياس، بيانه: كما أن الكلام يُبطل الصلاة فكذلك ما بان حرفان من النفخ والبكاء، أو التنحنح يُبطلها، والجامع: تسمية كل منهما بالكلام، وأن ذلك عبث لا يليق بالصلاة، الثالثة: فعل الصحابي: حيث إن أبا بكر يغلبه البكاء عند قراءته للقرآن، وأن عمر قد بكى حين قرأ قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾ ولم تبطل بذلك صلاتهما، ولم يسجد السهو، الرابعة: المصلحة: حيث إن بعض الناس لا يستطيع إزالة حشرجة في حلقه إلا بالتنحنح، ولا يُزيل حشرة من وجهه إلا بنفخها، فجاز ذلك، ولا يُبطل الصلاة؛ مراعاة لأحوالهم، فإن قلتَ: لمَ لا يُشرع لذلك سجود السهو؟ قلتُ: لعدم وجود نقصان في الصلاة ولا زيادة ولا شك، ولكثرة وقوعها بين المسلمين.
(٣٠) مسألة: إذا سَعَل المصلي، أو عطس، أو تثاوب: فصلاته صحيحة إذا غلبه ذلك ولو بان حرفان ونحوهما، ولا يُشرع لذلك سجود سهو؛ للمصلحة: حيث =