فيتيمم إن لم يجد غيرهما (٤٦)، ويلزم مَن عَلِم النَّجس: إعلام مَنْ أراد أن
= النجس مع الطهور الذي شك فيهما" -كما قلنا في طرق تطهير الماء- ثم يتطهر به، ولا يتيمم، ثانيًا: إن لم يمكن التطهير: فإنه يتحرى ويجتهد: فإن غلب على ظنه أن أحدهما هو الطهور: تطهر به، وإن لم يغلب على ظنه شيء: تركهما معًا وتيمم سواء كثُر عدد الطهور أو لا، وسواء خلطهما أو أراقهما أو لا؛ لقاعدتين: الأولى التلازم؛ حيث يلزم من التطهير بطرقه -كما سبق في مسألة (٤١) -صحة التطهر بالماء المطهَّر، ويلزم من عدم رجحان الإناء الطهور: عدم صحة التطهر بهما معًا؛ لوجود الشك؛ لأنه ليس أحدهما بأولى من الآخر فيعمل بالبدل وهو التيمم، الثانية: القياس، وهو من وجهين: أولهما: كما أنه إذا اشتبهت عليه القبلة، أو اشتبهت عليه ثياب طاهرة بنجسة، فإنه يجتهد ويتحرى فكذلك هنا يتحرَّى ويجتهد، والجامع: أن كلًا منها محتمل لأن يصلح شرعًا أو لا، والاجتهاد هو الذي يُبيِّن ذلك، وكلًا منها يخص شرطًا من شروط الصلاة، ثانيهما: كما أنه يجوز التيمم مع وجود بئر فيه ماء لا يقدر على الوصول إليه، فكذلك يجوز التيمم مع وجود الإناءين -الطهور والنجس- بدون خلطهما أو إراقتهما، والجامع: عدم القدرة على استعمال الماء الطهور، فإن قلت: لِمَ وجب التحري والاجتهاد؟ قلتُ: للاحتياط في أمر الدين؛ فإن قلتَ: لِمَ جاز التيمم بدون إراقتهما؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن بعض الناس ينتفع بالماء المشتبه به غير التطهر به، فإن قلتَ: لِمَ ذكر المصنف عدم اشتراط إراقتها؟ قلتُ: للتنبيه على قول بعض العلماء: "إنه يُشترط إراقتهما أو خلطهما؛ حتى يتحقق شرط التيمم"، وهو: عدم وجود الماء الطهور، فذكر المصنف ذلك ردًا عليه. تنبيه: قوله: "ولم يتحرَّ" قلتُ: كونه لا يتحرى ولا يجتهد في أيهما الطهور من النجس هذا فيه بُعد، وقد بينا بالقياس: أنه يجب عليه أن يتحرى.
(٤٦) مسألة: إذا اشتبه عليه إناء فيه ماء مباح، وإناء فيه ماء محرم -بأن كان مغصوبًا أو مسروقًا-: فإنه يتحرى ويجتهد، فإن غلب على ظنه أن أحدهما هو =