وتُقدم الجماعة مطلقًا على أول الوقت (١١)(ويحرم أن يؤم في مسجد قبل إمامه الراتب إلا بإذنه أو عذره)؛ لأن الراتب كصاحب البيت، وهو أحق بها: لقوله ﷺ: "لا يؤمَّن الرجل في بيته إلا بإذنه" ولأنه يؤدِّي إلى التنفير عنه، ومع الإذن هو نائب عنه، قال في "التنقيح": "وظاهر كلامهم لا تصح" وجزم به في "المنتهى"، وقدم في "الرعاية": تصح، وجزم به ابن عبد القوي في "الجنائز"، وأما مع عذره: فإن تأخر وضاق الوقت: صلوا؛ لفعل الصديق وعبد الرحمن بن عوف ﵃ حين غاب النبي ﷺ فقال:"أحسنتم"، (١٢) ويُراسَل إن غاب عن وقته المعتاد مع
(١١) مسألة: إذا دخل وقت الصلاة وغلب على ظن الشخص أنه سيجد جماعة قبل خروج وقتها: فالأفضل أن ينتظر الجماعة حتى يصلي معهم، ولا يصلي في أول الوقت، أما إن لم يغلب على ظنه ذلك: فإنه يصلي أول الوقت منفردًا؛ للمصلحة؛ حيث إن أجر الصلاة مع الجماعة في الوقت، أكثر من أجر الصلاة منفردًا في أول الوقت، ولأن صلاة الجماعة مظهر من مظاهر الإسلام فيحرص على المشاركة في ذلك.
(١٢) مسألة: إذا كان إمام مسجد قد عُيِّن من قبل السلطان، أو من قبل جماعة المسجد - وهو الإمام الراتب -: فيحرم على غيره أن يؤم جماعته في مسجده إلا إذا أذن الإمام في ذلك، أو كان معذورًا بالتأخر بسبب سفر، أو مرض، أو شغل، وضاق الوقت: فيجوز أن يؤمهم غيره، أما إن أمَّهم بدون ذلك فإنه يأثم، وتصح الصلاة؛ لقاعدتين: الأولى: السنة التقريرية؛ حيث إن أبا بكر ﵁ قد صلى بالناس لما تأخر النبي ﷺ بسبب ذهابه إلى بني بكر بن عوف للإصلاح بينهم، وعبد الرحمن بن عوف ﵁ قد صلي بالناس لما تأخر النبي ﷺ بسبب غزوة تبوك، فوافقهما على ذلك، ولم يُنكر عليهما، الثانية: القياس، بيانه: كما أنه لا يجوز أن يؤم الرجلُ الرجل في بيته إلا بإذنه أو عذره - كما ورد عنه=