كغيره، (١٥) وكره قصد مسجد للإعادة (ولا تكره إعادة جماعة في غير مسجدي مكة والمدينة) ولا فيهما؛ لعذر، وتكره فيهما لغير عذر؛ لئلا يتوانى الناس في حضور
معهم ويصليها وينويها نافلة؛ للسنة القولية؛ وهي من وجهين: أولهما: أنه ﷺ قد أمر أبا ذر بذلك، ثانيهما: أنه قال لرجلين: "إذا صلى أحدكما في رحله ثم وجد جماعة فليُصلِّ معهم فإنها له نافلة" وهذا هو الذي صرف الأمر الوارد في حديث أبي ذر من الوجوب إلى الندب، فإن قلتَ: لمَ استحب ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه تكثير للجماعة، وإظهار للإسلام، فإن قلتَ: إن صلاة المغرب لا يُستحب إعادتها؛ وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للتلازم؛ حيث إن المعادة تكون نافلة، ولا توجد نافلة عدد ركعاتها ثلاث، فيلزم عدم استحباب إعادتها قلتُ: إنه يُستحب إعادتها كغيرها؛ لعموم السنة القولية السابقة الذكر، وينوي أنها نافلة ويزيدها ركعة، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "هل التلازم هنا خصص عموم السنة القولية التي ذكرناها أو لا؟ " فعندنا: لا، وعندهم نعم ..
(١٥) مسألة: لا تكره إعادة صلاة الجماعة في مسجد له إمام راتب قد صلى بهم: سواء كان في المسجد الحرام بمكة أو بالمدينة أو غيرهما؛ للسنة القولية؛ حيث قال ﷺ: لما رأى رجلًا واقفًا يُريد الصلاة قال: "من يتصدَّق على هذا؟ " فقام رجل فصفَّ معه فقال ﷺ: "هذان جماعة" وهذا يلزم منه: إباحة إنشاء جماعة ثانية في مسجد غير الأولى التي صلى بهم الإمام الراتب، فإن قلتَ: إن ذلك مكروه؛ للمصلحة؛ حيث إنه يؤدِّي إلى اختلاف القلوب، والتهاون بالصلاة مع الإمام الراتب وهو قول بعض العلماء قلتُ: إن مصلحة إنشاء جماعة مقدمة على المصلحة التي ذكرتموها؛ لأن إنشاء جماعة فيه الأجر وهذا مؤكد، أما اختلاف القلوب والتهاون فهو غير مؤكد، والمؤكد مقدم، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه "تعارض المصلحتين".