كراهة؛ لأن النساء كنَّ يشهدن مع النبي ﷺ الصلاة (٨٨)(أو) أن يؤم (قومًا أكثرهم
مع ذي محرم"، وهذا النهي مطلق، فيقتضي التحريم، وهو عام؛ لأن لفظ "أحدكم" منكَّر أضيف إلى معرفة، وهو من صيغ العموم؛ فيشمل حالة الصلاة وغيرها؛ لكون صلاته بها منفردة تعتبر خلوة وإن كان يظهر الصلاح، فإن قلتَ: لمَ حرم؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه دفع مفسدة الفتنة، وهذا يفضي إلى الوقوع بأعظم جرم وهو: الزنا غالبًا؛ لأن الشيطان يُحسِّنها في نظره، ويُحسِّنه في نظرها فتقع الكارثة؛ مصداقًا لقوله ﷺ: "ما خلى رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان"، والنساء ناقصات عقل ودين - كما أخبر النبي ﷺ يؤثِّر عليهن أيُّ كلام معسول يقوله مرضى القلوب - وما أكثرهم - فمن ترك نسائه أو بناته أو أخواته بدون مراقبة شديدة فقد أهمل أعظم مهمة له في الدين، فإن قلتَ: إنه يكره ذلك ولا يُحرَّم - وهو الذي ذكره المصنف هنا - قلتُ: لا توجد قرينة قويت على صرف النهي في الحديث من التحريم إلى الكراهة، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "الخلاف هل النهي على إطلاقه أو لا؟ " فعندنا: على إطلاقه، وعندهم: ليس على إطلاقه بل هو مصروف إلى الكراهة. [فرع]: تكره صلاة مجموعة من النساء خلف رجل واحد أجنبي عنهن؛ للمصلحة؛ حيث إنه يُحتمل احتمالًا بعيدًا وجود فتنة، فدفعًا لذلك كُره، فإن قلتَ: لمَ لم يحرم ذلك؟ قلتُ: لأن المرأة لا تفسد غالبًا بحضور نسوة معها.
(٨٨) مسألة: إذا أمَّ رجلٌ نساءً محرمات عليه - بنسب أو مصاهرة -: سواء معهن أجنبيات عنه أو لا، أو أمَّ أجنبيات عنه ومعهن رجل: فيصح ذلك بلا كراهة؛ للسنة التقريرية؛ حيث كانت النساء يشهدن الصلاة مع النبي ﷺ مع رجل أو رجال، فلم يُنكر ذلك، فإن قلتَ: لمَ لا يُكره ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه تحصيل الأجر الجماعة، وبُعْدُهُ عن مفسدة الفتنة.