يحني رقبته دون ظهره: حناها، وإذا سجد قرَّب وجهه من الأرض ما أمكنه، (١٢) ومن قدر أن يقوم منفردًا، ويجلس في جماعة: خُيِّر (١٣)(ولمريض الصلاة مستلقيًا مع
حاجبه - كما سبق -؛ للتلازم؛ حيث إن الركوع أقرب إلى القيام في نصب الرجلين، والسجود أقرب إلى القعود في جمع الرجلين: فلزم الإيماء إلى الركوع وهو قائم، والإيماء إلى السجود وهو قاعد: لكون ذلك أقرب إلى صفاتهما.
(١٢) مسألة: إذا أراد المريض أن يصلي بإيماء رأسه: فإنه يحني رقبته بدون ظهره إن قدر على ذلك، ويبذل جهده في الاقتراب من الأرض إذا أومأ للسجود؛ للسنة القولية، وقد بيناها في مسألة (١٠)، فإن قلتَ: لمَ شرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك أبرأ للدين وأحوط.
(١٣) مسألة: إذا كان الشخص يستطيع أن يصلي قائمًا وهو منفرد، ولا يستطيع أن يقوم إذا صلى مع الجماعة: فيجب عليه أن يصلي قائمًا وإن كان منفردًا؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال:"صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا" فأوجب الشارع القيام عند القدرة عليه؛ لأن الأمر مطلق، فيقتضي الوجوب، ولا يعدل عن القيام إلى القعود إلا إذا عجز عنه، وهذا مطلق: إذ لم يُقيَّد بجماعة أو غير جماعة، الثانية: التلازم؛ حيث يلزم من كون القيام ركنًا في الصلاة كما سبق، وصلاة الجماعة واجبة عند بعضهم، وسنة عند الجمهور: أن لا تصح الصلاة إلا بالقيام، أما الجماعة فتصح الصلاة بدونها، فإن قلتَ: يُخيَّر بين الصلاة منفردًا وبين صلاته مع الجماعة في هذه الحالة، وهو ما ذكره المصنف هنا قلتُ: هذا بعيد جدًا؛ لما ذكرناه من السنة القولية والتلازم، وظاهر هذا القول: أنه مبني على مذهب من يقول: "إن صلاة الجماعة فرض عين وهي شرط في صحة الصلاة" وهو باطل كما سبق في مسألتي (١ و ٢) من "باب صلاة الجماعة".