= المصلحة؛ حيث إن غسلهم فيه مشقة؛ نظرًا لكثرة المقتولين في المعارك عادة، ولوجود التّعب عند الأحياء من أثر المعركة، ولو تركوا إلى ما بعد الراحة لظهرت روائح كريهة منهم، ثانيهما: أن تغسيله فيه إزالة لأثر عبادة مستطابة شرعًا وهي: الدماء، وهذا مكروه، كما قلنا في السواك بعد الظهر من يوم صوم، فإن قلتَ: المقتول ظلمًا لا يُغسل أيضًا - وهو ما ذكره المصنف هنا -؛ للقياس، بيانه: كما أن شهيد المعركة، لا يغسل فكذلك هذا مثله، والجامع: أن كلًا منهما شهيد، لكونه قُتل دون وجه حق؛ حيث قال ﷺ:"من قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد" قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ حيث إن المقتول في المعركة يشق غسله - كما سبق بيانه، وهو لم يُكره على القتال، بخلاف المقتول ظلمًا دون ماله أو أهله فلا يشق غسله لندرته، وهو مكره على القتال فإن قلتَ: إن المقتول ظلمًا قد شارك المقتول في المعركة في التسمية وهو "الشهيد" فيلزم من ذلك مشاركته في الحكم وهو: عدم غسله قلتُ: لا نسلِّم هذا التلازم، فالشارع قد سمَّى المبطون، والغريق، والحريق شهيدًا، ولم يقل أحد من العلماء أن هؤلاء الثلاثة لا يغسلون مع أنهم يُشاركون المقتول في المعركة في اسم "الشهيد" فليست المشاركة في الاسم تقتضي المشاركة في الحكم والأجر، يؤيده: فعل الصحابي؛ حيث إنه قد غُسل عمر وعلي ﵃ مع أنهما قد قُتلا ظلمًا تنبيه: وجوب غسل المقتول ظلمًا هو مذهب جمهور العلماء؛ لعموم أدلة وجوب غسل الميت بدون معركة، فإن قلتَ: ما الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياس مع السنة القولية" فعندنا: يُعمل بالسنة؛ لضعف القياس هنا؛ وعندهم: يُعمل بالقياس؛ نظرًا لقوته فإن قلتَ: إن شهيد المعركة يُغسل إذا كان عليه ما يوجب الغسل كجنابة، أو حيض أو نفاس، وهو ما =