للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(واستقبال النَّيرين) أي الشمس والقمر؛ لما فيهما من نور الله تعالى (٢٥) (ويحرم استقبال القبلة واستدبارها) حال قضاء الحاجة (في غير بنيان)؛ لخبر أبي أيوب مرفوعًا: "إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا" متفق عليه، ويكفي انحرافه عن جهة القبلة (٢٦)، وحائل ولو كمؤخرة الرَّحل،

قال : "لا يُمسكن أحدكم ذكره بيمينه، ولا يتمسَّح من الخلاء بيمينه" والنهي مطلق، وصُرف من التحريم إلى الكراهة بسبب: أن فعله هذا بيمينه غير مُخلٍّ بطهارته، وإنما المراد: تكريم اليمين؛ حيث إنها محل المصافحة للآخرين، والأكل والشرب، والأخذ والعطاء، وهو المقصد من ذلك النهي، فإن قلتَ: يُحرم الاستنجاء باليمني؛ قياسًا على تحريم الاستنجاء بالرَّوثة، قلتُ: إن هذا قياس فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ حيث إن "الرَّوثة" آلة الاستنجاء المباشرة للمحل، فلم يجز ذلك؛ نظرًا لمباشرتها للنجاسة، أما اليد فليست هي مباشرة للمحل، وإنما تُمسك الحجر الملاقي للمحل، فصار النهي عن استعمالها للكراهة، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "هل اليد اليمنى في مقام الروثة في النهي عن الاستجمار بها؟ " فعندنا: لا، وعندهم: نعم مثلها.

(٢٥) مسألة: يباح استقبال الشمس والقمر أثناء قضاء الحاجة واستدبارهما؛ للاستصحاب؛ حيث إن الأصل: إباحة استقبال كل شيء وهو في هذه الحالة، إلا إذا ثبت دليل يُغير الحالة، ولم يثبت دليل مُعتبر في ذلك، فنستصحب الأصل، وهو: الإباحة، فإن قلتَ: يُكره استقبالهما؛ لأن فيهما نور الله وهو الذي ذكره المصنف هنا، قلتُ: لم يثبت ذلك بدليل مُعتبر، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "هل وجد دليل غيَّر الأصل وهو الإباحة أو لا؟ " فعندنا: لا، وعندهم نعم.

(٢٦) مسألة: يحرم استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة في الصحراء، فينحرف ولو قليلًا عنها؛ للسنة القولية؛ حيث نهى عن ذلك النبي في =

<<  <  ج: ص:  >  >>