للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبي هريرة وابن عباس : "أن النبي صلى على قبر" وعن سعيد بن المسيِّب: "أن أمَّ سعد ماتت والنبي غائب، فلما قدم: صلَّى عليها، وقد مضى لذلك شهر" رواه الترمذي، ورواته ثقات، قال أحمد: "أكثر ما سمعتُ هذا" وتحرم بعده ما لم تكن زيادة يسيرة (١٤٩) (و) يُصلَّى (على غائب) عن البلد، ولو دون مسافة قصر:

(١٤٩) مسألة: يُستحب أن يُصلي المسلم على الميت ولو بعد دفنه بشرط: أن لا يمضي على دفنه أكثر من شهر تقريبًا، وتحرم بعد ذلك، والصلاة على القبر تكون على صفة الصلاة عليه قبل ذلك؛ للسنة الفعلية، وهي من وجهين: أولهما: أنه قد صلى على قبر المرأة السوداء التي كانت تقمُّ المسجد، ثانيهما: أنه قد صلى على قبر أم سعد وقد مضى على دفنها شهر - كما قال الراوي - فيلزم من ذلك: أنه محدَّد بشهر تقريبًا، ولا تضر الزيادة القليلة، فإن قلتَ: تصح الصلاة على الميت ولو بعد دفنه بشهرين أو ثلاثة، وهو قول بعض العلماء كابن عقيل وتبعهم ابن عثيمين؛ للسنة الفعلية؛ حيث إنه قد صلى على قبر أم سعد بعد مضي شهر من دفنها - كما سبق - وهذا مطلق، ولم يُقيِّد بزمن معيَّن، وفعله قد وقع اتفاقي بدون قصد التحديد، وكذلك صلى على قتلى أحد بعد ثمان سنوات قلتُ: إن ما وقع منه مقصود منه، ولم يكن اتفاقيًا؛ لسدِّ الذرائع؛ حيث إننا لو فتحنا هذا الباب - وهو: أن أفعاله تقع اتفاقًا بدون قصد -: للزم تعطيل أكثر أفعاله من الاستدلال بها، وهذا باطل، أما صلاته على قتلى أحد: فليست هي صلاة الميت، وإنما هي صلاة وداع لهم كما كان يُودِّع الموتى الذين دُفنوا في البقيع أحيانًا، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض السنة الفعلية مع السنة الفعلية" فيُعمل عندنا بالسنة الفعلية الأولى، ويلزم من فعله بهذا الوقت التحديد الشرعي، وعندهم: يُعمل بالسنة الفعلية الثانية، ولا يفهم من فعله التحديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>