للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وغيره كتكفينه؛ لعدم اعتبار النية (١٥٧) (ويُسن التربيع في حمله)؛ لما روى سعيد وابن ماجه عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: "من اتبع جنازة: فليحمل بجوانب السرير كلها؛ فإنه من السنة، ثم إن شاء فليطوع وإن شاء فليدع" إسناده ثقات، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، لكن كرهه الآجري وغيره إذا ازدحموا عليها، فيُسنُّ أن يحمله أربعة، و "التربيع": أن يضع قائمة السرير اليُسرى في المقدمة

والثواب؛ للسنة القولية؛ حيث قال : "من شهد الجنازة حتى يُصلَّى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تُدفن: فله قيراطان" فقيل: ما القيراطان؟ قال: "مثل الجبلين العظيمين" وفي رواية: "أصغرهما مثل أحد"، فإن قلتَ: لمَ خُصَّت الصلاة والدفن هنا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه تكريم للميت، وتفريح أهله الذين حزنوا بفقده، ولأن المقصود من تجهيز الميت هو: الصلاة عليه، ودفنه، ولجواز مشاهدة الميت في هاتين الحالتين، أما ما قبلهما - من تغسيل وتكفين -: فلا يجوز لأحد مشاهدته إلا للمغسِّل والمكفِّن ومعاونهما، فلذا لم يُذكرا هنا.

(١٥٧) مسألة: يكفي في تكفين الميت وحمله ودفنه أيُّ شخص يقوم بها: سواء كان مسلمًا أو كافرًا: فلا يُشترط الإسلام لذلك؛ للتلازم؛ حيث إن هذه الأمور لا تُشترط النية فيها فيلزم إجزاء قيام الكافر بها عن فعل المسلم لها، فإن قلتَ: لمَ صحَ ذلك من الكافر في حين لا تصح صلاته عليه وتغسيله له؟ قلتُ: لأن النية مشروطة في الصلاة والطهارة، وصلاة الجنازة، وتغسيل الميت يدخلان في عموم الصلاة والطهارة فلا يصحَّان إلا من مسلم، لصحة نيته، بخلاف التكفين، والحمل، والدفن، فلا تحتاج إلى النية؛ لأنَّه مجرد عمل، لا دعاء فيه فتصح من الكافر، وهذا من باب التوسعة على المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>