يتبعها مع منكر إن عجز عن إزالته، وإلا: وجبت (١٧٢)(ويُسجَّى) أي: يُغطَّى ندبًا
التحريم، ولا يوجد صارف له إلى الكراهة، فإن قلتَ: لمَ حُرِّم ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن المرأة شديدة الجزع، سريعة الانفعال، فلو تبعت الجنازة وحصل منها الجزع لأدَّى إلى ظهور بعض بدنها، وهذا يثير الفتنة، فدفعًا لذلك: حرم عليها ذلك، ودفع المفسدة - وهي: إثارة الفتنة - مقدَّم على جلب المصلحة - وهو: أجر اتباع الجنازة -، فإن قلتَ: إن اتِّباع المرأة للجنازة مكروه - وهو ما ذكره المصنف هنا -؛ للتلازم؛ حيث قالت أمُّ عطية في الحديث السابق:"ولم يُعزم علينا" حيث يلزم من عدم العزم على المنع: أن الخروج والاتِّباع مكروه؛ إذ لو كان حرامًا: لعزم على المنع قلتُ: إن لفظ "ولم يُعزم علينا" يظهر منه: أنه من اجتهاد أمُّ عطية، وقول الصحابي واجتهاده لا يُعمل به إذا كان مُعارضًا للسنة القولية مع تأييد المصلحة لذلك فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض قول الصحابي مع السنة القولية" فعندنا: يُعمل بالسنة على إطلاقها، ولا يوجد صارف للنهي، وعندهم: أن قول الصحابي هنا قد صرف النهي من التحريم إلى الكراهة.
(١٧٢) مسألة: يحرم على المسلم أن يتبع جنازة قد أُحيطت بمنكرات كرفع صوت، أو وجود نيران، أو طبول أو مزامير، أو لطم خدود ونحو ذلك إن لم يقدر على إزالتها، وإن غلب على ظنه قدرته على إزالتها وإقناع الناس بأنها منكرة: فيجب عليه حضورها؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية: حيث قال ﷺ: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" حيث أوجب الشارع تغيير المنكر على المستطيع؛ لأن الأمر مطلق، فيقتضي الوجوب، الثانية: المصلحة؛ حيث إن حضور المسلم لهذا واستماعه للمنكرات وسكوته -؛ لعدم مقدرته على إنكارها - يُفهم الآخرين: أنه مُقرٌّ لها، فيفعل الآخرون كما فعل، فينتشر الفساد بسبب ذلك، وتعم =