للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كإدخاله خَشَبًا، وما مسَّته النار، ودَفْن في تابوت، (١٧٥) وسُنَّ: أَن يُوسَّع ويُعمَّق قبر بلا حدٍّ، ويكفي ما يمنع من السباع والرائحة، (١٧٦) ومن مات في سفينة، ولم يُمكن

كراهة الشق بلا عذر فإن قلتَ: لمَ كان اللحد أفضل من الشق؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه أستر للميت من الشق، فإن قلتَ: لمَ يُلحد تجاه القبلة؟ قلتُ: لأنها أشرف الجهات، فإن قلتَ: لمَ أُبيح الشَّق لعذر؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه دفع المشقة والحرج عن الناس.

(١٧٥) مسألة: يُكره وضع الخشب، وما مسَّته النار - مثل الآجر وهو: الطين المطبوخ بالنار - في القبر، وكذا: يُكره دفن الميت في تابوت - وهو صندوق يوضع فيه الميت ثم يوضع في القبر -؛ لقول الصحابي وهو من وجهين: أولهما: أن عمرو بن العاص قال: "لا تجعلوا في قبري خشبًا ولا حجرًا" والتابوت من الخشب، ثانيهما: أن زيد بن ثابت منع أن يوضع في قبره الآجر، فإن قلتَ: لمَ كُره ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه تفاؤل بأن لا تمسه النار، ولأن الأرض أكثر امتصاصًا لفضلات الميت من الخشب.

(١٧٦) مسألة: يكفي في حفر القبر أدنى حفر بشرط: أن يكون مانعًا من نبش السباع للقبر ومانعًا من ظهور رائحة كريهة، لكن يُستحب: أن يُعمَّق في القبر، ويُوسَّع؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال في قتلى أحد -: "احفروا وأوسعوا، وعمِّقوا" وقد صرف قول الصحابي هذا الأمر من الوجوب إلى الاستحباب؛ حيث إن ابن عمر قد أوصى بأن يُحفر قبره قامة، الثانية: التلازم؛ حيث يلزم من إطلاق الأمر بوجوب دفن الميت، وعدم تحديده بعمق معيَّن: أن يُفعل أيُّ شيءُ يطلق عليه قبر ودفن، ومن واراه عن الأنظار: فإنه يصدق أنه دفنه وقبره؛ لأن الأمر مطلق، ويكفي أدنى ما يُطلق عليه أنه امتثال للأمر، وهذا فيه تيسير على العباد.

<<  <  ج: ص:  >  >>