للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(دفن اثنين فأكثر) معًا؛ أو واحدًا بعد آخر قبل بلاء السابق؛ لأنَّه كان يدفن كلَّ ميت في قبر، وعلى هذا استمر فعل الصحابة، ومن بعدهم، (٢٠١) وإن حفر فوجد عظام ميت: دفنها، وحفر في مكان آخر (٢٠٢) (إلا لضرورة): ككثرة الموتى، وقلَّة من يدفنهم، وخوف الفساد عليهم؛ لقوله يوم أُحُد -: "ادفنوا الاثنين والثلاثة في

(٢٠١) مسألة: يُكره دفن اثنين فأكثر في قبر واحد لغير ضرورة؛ لقاعدتين: الأولى: السنة الفعلية؛ حيث إنه كان يدفن كل صحابي في قبر منفردًا، الثانية: فعل الصحابي؛ حيث إن بعض الصحابة كانوا يدفنون كل ميت منهم في قبر منفردًا، وهذا يدل على استحباب دفن كل واحد في قبر منفردًا، ويلزم منه: كراهية مخالفته؛ فإن قلتَ: إن هذا محرَّم - وهو ما ذكره المصنف هنا - قلتُ: لم أجد دليلًا قويًا على ذلك، وهذا الفعل من النبي والصحابة لا يدل على تحريم غيره، فإن قلتَ: لم كُرِه ذلك؟ قلتُ: لأن العادة جرت: أن الشخص لا يُحب أن يُشاركه أحد في منزله في الدنيا، فكذلك الحال في الآخرة. [فرع]: إذا بَلَت عظام الميت وصارت قريبة من التراب: فإنه يستحب أن يدفن فيه آخر كما يُفعل في البلاد الجبلية كِمكَّة والمدينة ونحوهما؛ للمصلحة؛ حيث إنه لو دُفن كلُّ ميت في قبره منفردًا لا يُشاركه فيه غيره وإن بَلَت عظامه: لما وجد الناس الأحياء أرضًا يُقيمون عليها، ويزرعون فيها، فدفعًا لذلك: شرع هذا الحكم.

(٢٠٢) مسألة: إذا حفر مسلم قبرًا يُريد دفن ميت فوجد عظامًا كثيرة لميت سابق: فإنه يدفنها في محلها ولا يُحركها، ويحفر لميته قبرًا آخر، أما إن وجد عظامًا قليلة: فإنه يجمعها بجانب من القبر - كما يصنع أهل الحجاز في قبورهم - ثم يدفن ميته بجانبها؛ للمصلحة التي ذكرناها في الفرع السابق، ولما ذكرناه في مسألة (٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>