منه؛ لخبر أنس:"لا عَقْر في الإسلام" رواه أحمد بإسناد صحيح، وفي معناه: الصدقة عند القبر، فإنه مُحدث، وفيه رياء (٢١٨) فصل: (تسنُّ زيارة القبور) وحكاه النووي
جرير البجلي قال:"كنا نُعدُّ الاجتماع إلى أهل الميت، وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة" و"من" هنا للتبعيض، فيكون الاجتماع مع أهل الميت، وإعدادهم للطعام لأجل أن يُطعموا هؤلاء المجتمعين محرمًا؛ لأنَّه من النياحة، والنياحة على الميت حرام - كما سيأتي تفصيله -، فإن قلتَ: لمَ شرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنهم انشغلوا بحزنهم بميتهم الثلاثة الأيام الأولى، وحرم إعداد أهل الميت للطعام؛ لما فيه من المشقة عليهم، ولما فيه من التشبه بأفعال أهل الجاهلية، والكفار.
(٢١٨) مسألة: يحرم الذبح والصدقة عند القبر؛ سواء أُكل من ذلك أو لا؛ للسنة القولية، وهي من وجهين: أولهما: قوله ﷺ: "لا عَقْرَ في الإسلام" حيث إن أهل الجاهلية كانوا إذا مات الميت عقروا عند قبره بعيرًا أو شاة يزعمون: أن هذا مكافأة له على صنيعه في حياته على أنه كان يعقر للأضياف، والنفي هنا: هو نهي، وهو مطلق، فيقتضي التحريم، ثانيهما: قوله ﷺ: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد" والذبح، والصدقة بعد دفن الميت مباشرة عمل لم يأمر به الشارع، ولم يفعله النبي ﷺ ولا أصحابه ولا غيرهم من السلف الصالح فيكون مردودًا على صاحبه، وما كان مردودًا من الأعمال فهو فاسد، وكل فاسد حرام، فإن قلتَ: لمَ حُرِّم ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك قد يؤدِّي إلى تعظيم الميت والرياء، فدفعًا لذلك: حرم، سدًا للذرائع؛ فإن قلتَ: إن الذبح والصدقة هنا مكروه ولا يحرم، وهو ما ذكره المصنف هنا قلتُ: لم أجد دليلًا على ذلك، ولا توجد قرينة قويت على صرف النهي الوارد في حديث "لا عقر في الإسلام" من التحريم إلى الكراهة والصدقة كالذبح تمامًا بجامع: أن كلًا منهما يؤدِّي إلى تعظيم الميت والرياء من باب "مفهوم =